بات الشرق القديم أو مهد الحضارات في بلاد الشام والرافدين مهددا بالزوال والتدمير على يد تنظيم الدولة الإسلامية الذي لم يبرأ منه لا الحجر ولا البشر.

حضارات الشرق القديم حمتها السنون، وتوالت عليها الشعوب، ومر فيها جند وبشر من كل ملة ولون، لكن أحدا منهم لم يفكر أن يدمرها انتقاما من الإنسانية ونتاجها الفني والفكري، حتى أتى مغول العصر الجديد فحولوها أثرا بعد عين، وسرقوا ما سرقوه، ليتم عرضه فيما بعد في متاحف الدول التي تحترم ما تركه لنا الأقدمون.

هذا وقد أصبح تنظيم داعش على مشارف تدمر، إحدى أهم الأوابد التاريخية والمدرجة في قوائم التراث العالمي، تقع وسط سوريا وتبعد عن دمشق ما يقرب المئتي كيلو متر ويبعد عنها التنظيم اليوم أقل من كيلو مترين، حيث يحاول دخولها من جهتها الشرقية رغم معاركه مع الجيش السوري الذي أعلن حظر التجوال في المدينة.

وإن سلمنا بأن الجيش السوري أنهك في معاركه العديدة، فيسأل البعض أين هي طائرات التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد داعش، فالتنظيم يصول ويجول في الأرض رغم أسراب الطائرات في السماء.

والحلقة المرعبة أن تدمر المدينة، فداعش له سوابق لا تحصر في فن قطع الرقاب والشي والكي والرجم والتدمير، فبدءا بتدمير قلعة تاريخية هامة في العراق تسمى قلعة تل عفر عبر تفخيخها ونسف معظم أبراجها وأسوارها القديمة.

متحف الموصل كذلك تم تدمير عدد كبير من التماثيل الآشورية التي تعد من أولى الحضارات البشرية بما فيها تمثال الثور المجنح العائد للقرن التاسع قبل الميلاد في شباط من هذا العام ناهيك عن السرقة والنهب.

مدينة نمرود التي تعود للقرن الثالث عشر قبل الميلاد دمرت هي الأخرى بالجرافات وتم تحطيم معالمها بالكامل. وعلى الرغم من استغاثات ونداءات المجتمع الدولي إلا أن التنظيم ماض في طريقه لتدمير كل ما يقع في طريقه من بشر وحجر وللتذكير فقط فإن نداءات المجتمع الدولي لم توقف تنظيم القاعدة في وادي باميان بأفغانستان من تدمير أكبر تمثالين لبوذا في العالم منذ عام سبعة وتسعين.

الزباء أو زنوبيا ملكة تدمر التي وقفت في وجه روما أعرق الامبراطوريات القديمة قالت ذات حين، "بئس ما تاج على رأس خانع ذليل ونعم ما قيد في ساعد حر أبي"، وعل رسالتها تكون عبرة لمن يعتبر.