رأت أوساط سياسية واسعة الاطلاع في بيروت، أن قرار المحكمة العسكرية الصادر بحق الوزير السابق ميشال سماحة، فيه خدمة للرئيس بشار الأسد وحلفائه اللبنانيين تنطوي على رسالة على صلة بمعارك سياسية يشهدها لبنان وتتصل في شكل او آخر بالتمديد للقادة الأمنيين وبالسباق نحو رئاسة الجمهورية.

 

ورغم التداعيات الداخلية للقرار في شأن سماحة الذي فجّر عاصفة في وجه المحكمة العسكرية وكرّس سابقة كـ «حكم مخفف» قد يفيد منه الموقوفون الاسلاميون، فان مصدراً بارزاً في «تيار المستقبل» بزعامة الرئيس سعد الحريري وضع انصياع المحكمة العسكرية للضغوط التي مورست عليها في اطار بحث «حزب الله» والنظام السوري عن «انتصار معنوي»، كما يراد من معركة الحزب في القلمون إظهار قدْر من التماسك بعد النكسات المتتالية التي مني بها المحور الذي تقوده ايران في سورية واليمن، خصوصاً بعد «عاصفة الحزم» وهزائم الجيش السوري و«حزب الله» في ادلب وجسر الشغور في شمال سورية وإخفاقهما في تحقيق اي تقدم في جنوبها.

 

وصحيح ان «حزب الله» يعلن عن انتصارات إعلامية في جرود القلمون التي يختلط فيها «الحابل بالنابل»، بحسب هذا المصدر، فان الأكيد في رأيه ان فخاً نُصب للحزب يراد منه استنزافه نظراً لاستحالة السيطرة على تلك الجرود الوعرة والمترامية وكلفة الدم المرتفعة التي سيكون من الصعب عليه تفاديها رغم المكابرة سعياً لصنع انتصارات تريدها ايران كأوراق في مباحثات توقيعها على النووي مع الولايات المتحدة في يونيو المقبل.

 

وفي تقدير المصدر الذي يقارب بـ «مهارة» لوحة الأوعية المتصلة بين الداخل والخارج، التي تشهد الآن تحولات وفي الاتجاه المعاكس بعد نحو عقد من الانفلاش الإيراني، فان المنطقة مقبلة على أوضاع ساخنة قبل حلول موعد التوقيع على النووي الايراني في يونيو، وربما لن يكون لبنان، الذي يعاني مأزقاً سياسياً - دستورياً يتمثل في «العصيان» على انتخاب رئيس للجمهورية، في منأى عنها، خصوصاً مع تَعاظُم خطر التعوّد على عدم وجود رئيس بعدما مضى على الفراغ في رأس السلطة سنةً تكتمل مع حلول 25 الشهر الجاري.

 

لكن ما الذي يحول دون التوافق على رئيس للجمهورية والذهاب الى البرلمان لكسْر الحلقة المفرغة؟...يجيب المصدر وفقاً لـ «تحليلات شخصية» ان المجتمع الدولي أكثر ميلاً في ظلّ المخاض الأمني الذي تعيشه المنطقة الى الإتيان بعسكري الى الرئاسة على غرار السيسي في مصر وحفتر في ليبيا، وهو ما يفسّر الحرص على عدم انهيار الجيش السوري نظراً لأيّ دور جديد له في التسوية المحتملة.

 

وتخشى دوائر واسعة الاطلاع في بيروت الا يتمّ كسْر الحلقة الرئاسية المقفلة إلا بعمل أمني كبير، وكشفت لـ «الراي» عن هواجس فعلية من مغبة تكرار أحداث مشابهة لواحد من خمسة تطوّرات كان شهد لبنان مثيلاً لها في الماضي، اي ما يشبه 7 مايو 2008 (العملية العسكرية لحزب الله في بيروت وبعض الجبل) وعودة مسلسل السيارات المفخخة (حدث ذلك في 2013)، اغتيال كبير (من نوع الاغتيالات السياسية التي ضربت لبنان بين 2005 - 2013)، نهر بارد جديد في مخيم عين الحلوة الفلسطيني، او حرب بين «حزب الله» واسرائيل.