لا شكّ أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما بحاجة إلى أكثر من الكلام الدبلوماسي في قمة كامب ديفيد لتبديد الهواجس التي نشأت لدى قادة الدول الخليجية على خلفية المفاوضات الجارية بين إيران والدول الغربية حول الملف النووى الإيراني وبسبب المراوغة التي تعتمدها الإدارة الأميركية في حسم الملفات الساخنة في المنطقة. فالسرية التّامة التي أحيطت بالمفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران حول الملف النووي دون صدور أيّ إشارة توحي بذلك ، وقبل أن تأخذ طريقها إلى العلن شكلّت صدمة للمملكة العربية السعودية ومعها الدول الخليجية .

وإذا كان هناك حرص واضح من واشنطن والرياض على تجميل صورة القمة الأميركية الخليجية في كامب ديفيد بسبب قرار الملك سلمان بن عبدالعزيز إنابة ولي العهد محمد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حضورها بدلا منه ، من خلال التوضيحات من الطرفين حيث بادر المتحدث بإسم البيت الأبيض(جوش أرنست ) إلى القول أنّ واشنطن واثقة من أنّ المسؤولين السعوديين الذين يحضرون القمة قادرون على تمثيل بلدهم وتنفيذ أيّ قرارات تتخذ .

وكذلك لجوء وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القول أنّ بين السعودية وأميركا علاقات إستراتيجية من العام 1945 وتزداد قوة ومتانة ، وليس لدينا شكّ في إلتزام أميركا أمن المملكة.

وأن الطرفين ينظران إلى أفضل ما يمكن أن يقوما به لمواجهة النشاطات السلبية الإيرانية في الشرق الأوسط . إلا أنّ كلّ هذا الكلام وهذه التصريحات لا تزيل الشكوك الخليجية إزاء إدارة أوباما ، فالكلام الدبلوماسي شيء وواقع عدم ذهاب الملك سلمان إلى كامب ديفيد شيء آخر .

إذ أنّ هذا الكلام لا يلغي دلالات تصريح السيناتور الأميركي جون ماكين الذي يقول ( أنّ دول الخليج تشعر بالخديعة ، وباتت مع الرئيس أوباما تشعر بأنّها لا تجد سندا في الإدارة الأميركية ، ولهذا يبدو أنّ أمام أوباما جبلاً مرتفعاً جداً من الشكوك عليه أنّ يزيله ) . ويرى ماكين أنّ أفضل دليل على المرارة العميقة التي سببها تفاوض أميركا مع إيران سراً لمدة ثلاثة أعوام في مسقط عمان من دون إبلاغ حلفائها الخليجيين الذين يشكون من العربدة الإيرانية في المنطقة ، أنّ السعودية تعمدت أن تبلغ قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال ( لويد أوستن ) قبل ساعة واحدة من البدء بعاصفة الحزم .

الإستياء الخليجي وتحديداً السعودي من أميركا طبعاً لن يتحول إلى خصومة ، لكنّ إمتناع الملك السعودي من الذهاب لحضور القمة يشكل إستنكار ونقمة سياسية هدفها مواجهة إنقلاب أوباما على تاريخ من علاقات التحالف المتينة بين أميركا ودول الخليج .

وهذا الحزم السعودي قد يؤدي بالقمة الأميركية الخليجية إلى إنتاج قرار جدي يلزم إدارة أوباما بإبلاغ طهران بأنّ لا مجال لمباركة طموحاتها التوسعية الإقليمية .

بل على إيران إتخاذ قرارات مصيرية قبل التوقيع النهائي على الاتفاق النووي تحدّ من أطماعها في دول جيرانها العرب ، وبالتالي قد يفرض على واشنطن الضغط على طهران لوقف سياساتها التوسعية الإقليمية كون التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية العربية يقلق العرب أكثر من برنامجها النووي الذي هو مصدر القلق الأساسي لإسرائيل ، عندها يمكن القول أنّ القمة الأميركية الخليجية في منتجع كامب ديفيد في واشنطن هي قمة الخيارات الصعبة .