قد لا يظهر للعيان أنّ الغرب المتنوّر ونموذجه الديمقراطي كلباس جميل لا يليق لشرقنا في عربه وعجمه وتركه وكرده وكل مكوّناته ، وأنّ الغرب ليس مشغولاً بنا وبترتيب جسمنا في الوطن العربي تنحيفاً وإصلاحاً من النتوءات التي أحدثها العقل العربي الرجعي والإسلامي الظلامي في جسم الأمة عاهات ودمامل ...

وإذا ما أردنا المطالبة بالديمقراطية التي نعتقد نحن والغرب بأنها ثوب يزدهي بالجواهر ، قد نرى إهتماماً غربياً ظاهرياً يعمل على إخراج العرب وغيرهم من مرحلة الأصولية الدينية ليستنيروا وليتحضروا وليتدمقرطوا ، وبذلك لا يبقون يخيفون الآخرين وخصوصاً السيدة إسرائيل عن طريق التفجيرات القاتلة والمتفجرات العقلية المميتة .

 

ولكن عندما نمعن النظر إلى مقدار ما يرصده الغربيون من موازنة لتصدير الديمقراطية إلى بلادنا وسقفه المنخفض ، يصبح السؤال ملحاً "هل يعتقد الغرب ويؤمن أنّ العرب أهل للديمقراطية والعقلية الحضارية "؟

 

وللإجابة عن هذا السؤال نذهب إلى أحد المثقفين الفرنسيين المحترمين "دانييل لندنبيرغ" ليكشف لنا عن أجواء كواليس المثقفين النخبويين وهو الذي خاض حرباً ضروساً ضد الطائفيين الإنعازليين الفرنسيين صهاينة أو غيرهم ،ومع أنّه يهودي لكنّه شريف يرى العيب في طائفته أيضاً ، وليس عند الآخرين فقط وبخاصة العرب ، إنّه مثقف نقدي كما يروي عنه المفكر هاشم صالح في كتابه "الإنتفاضات العربية " ، عكس بعض المتعصبين كـ "برنار هنري ليفي" أو "أندريه غلوكسمان" أو غيرهم .

 يقول في آخر تصريحاته عن ما يجري في البلاد العربية حالياً :"إنّ الكثير من المثقفين الفرنسيين يعتقدون في قرارة أنفسهم بأنّ الشعوب العربية متخلفّة بشكل أزلي أو خلقي أو وراثي فطري ، أي بشكل لا مخرج منه وبالتالي ، فالديمقراطية لم تٌخلق لهم، ولا تناسبهم إلا سياسة العصا والإستبداد .

إنتهى كلام "دانييل لندنبيرغ".

 

إنّ هذا الكلام شديد الوضوح بتفسير ما يجري اليوم ويساعدنا على فهم السر في صمت مراكز الدراسات ، والمثقفين الذين يصنعون جزءاً من القرار في الغرب من خلال تقديم أبحاثهم للسلطة الحاكمة ، ونفهم تعاطفهم المضمر إن لم يكن الصريح مع الأنظمة البوليسية الفاسدة التي سقطت أو هي مرشحة للسقوط ، ولذلك نرى الإطالة بحسم الأزمة السورية وغيرها من الأزمات في المنطقة العربية .

 

في النهاية أقول إنّ التغيير سنة كونية في الحياة ، ولكن لا يمكن أن نبدأ حركة التغيير إلا من الداخل ومن خلال إيجاد إرادة لذلك ، وفي النص الديني ما يؤيد ذلك  " إنّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".

 

رئيس المركز العربي للحوار والدراسات