يفضح الكاتب عبد الوهاب المؤدب في كتابه "الإسلام المريض " - أوهام الإسلام السياسي- الوهابية ،  بإعتبارها المصدر الأساسي للإسلام السياسي الأصولي أو البدائي  والذي أسّس لمجتمع تقليدي وتبسيطي لا يمت إلى الإسلام بصلة .

لقد تحققت عملية الربط بين الوهابية والأصولية المناضلة برعاية الولايات المتحدة التي لم يبدُ أنها صدمت بالمضمون الإيديولوجي للتعبئة الإسلامية ، بحيث إتحدت الروحية الجامدة مع الثروة لتأمين تعليم الأصوليين تقنيات الأسلحة الأكثر تطوراً .

وبهذه الذهنية  تمّ بناء قوة دولية من المقاتلين ذوي النزعة الوهابية ، وجرى إعدادهم  تحت رقابة الإستخبارات المركزية الأمريكية وبتمويل سعودي .

من هذا السياق الوهابي – الأمريكي ظهر أسامة بن لادن الذي شارك في القتال حاملاً السلاح بنفسه ، واضعاً ثروته الشخصية في خدمة المشروع الوهابي من قبل أن يجند " المجاهدين " من جميع البلدان الإسلامية وقد لبّى نداءه عدد من أشباه المتعلمين ، القاصرين عن الحصول على فرص عمل ، وغيرهم من المناضلين الأكثر أهلية  لكنّهم من الذين نشأوا في مناخ الحقد مهووسين بمشاريع التمرد .

لقد وجد بن لادن ملاذه في حضن حركة طالبان وهي الصنيعة الصرف للخط الأصولي ، الذي كان قد هيّأ له أبو الأعلى المودودي مدعوماً من الوهابية التي تؤمن إنتشارها بواسطة الدعم المالي السعودي الرسمي  ، عبر شبكات المدارس الدينية التي بسطت فروعها حيثما أمكنها ذلك .

 وبذلك حققت طالبان أقصى درجات الربط ما بين الوهابية والراديكالية المتولدة عن الخط الأصولي المصري وفق النظام الكلياني الذي وضعه المودودي .

وقد تجسد هذا الخط فوق الأرض الأفغانية في شخص أيمن الظواهري – ويبدو أنه قد تجسد في سورية والعراق بأبي بكر البغدادي  .

ويضيف الكاتب بأن الوهابية قد عمّمت الخطاب السطحي الذي أساء إلى الإسلام ، كما فعل مؤسسه ابن عبد الوهاب من قبل من خلال فتاويه التي قوّضت نظام الحق الشرعي ، وقامت بإخضاع الدين إلى التبسيطية ، فصاحب العقيدة الوهابية الغافل عن عبوديته وعماه ، يسير جنباً الى جنب مع الأميركي ، وكلا الشريكين مزوّد بمراجع تأسيسية متشابهة في ظاهرها .

إنّ هذه الظواهر قد تولد توهماً بأنّ هناك تحالفاً طبيعياً ، ففي ميدان السوق العالمية  يسّلح الأمريكي الوهابي ويدرّبه على التقنية التي تساعده على التنفس بحسب الإيقاع الأميركي ، حيثما تواجد في العالم .

وفي حالة التصاحب هذه ، يحقق الوهابي الثروة المادية ويوظفّها في عملية نشر دعوته وتحقيقه الثروة نوع من التمجيد لجذوره الروحية .

ألم يعلن ابنُ حنبل أن تحقيق الثروة واجب شرعي ؟

ألم يشدّد ابن تيمية على أن وضع الثروة في خدمة الدين بمثابة فريضة تستوجب العقاب على كل من يتقاعس عنها ؟

 

ويقول الكاتب : إنّ ابن عبد الوهاب مجرد ناسخ لا يملك أي ذرة تجديد ، وهو لا يستحق معه أن يكون مفكراً وفي الكثير من الكرّاسات العديدة التي ألفّها يتأكد لنا أنّ نفسه القصير لا يُكسب الإيجاز في التأليف صفات البلاغة .

فالصفحات التي سوّدها تؤكد تبعيته الحنبلية المتزمتة ، حيث ليبدو أكثر تزمّتاً من معلّمه المؤسّس .

إنّ ابن حنبل يبدو أكثرَ تسامحاً في مسألة التكفير ، ويعترف ابن تيمية نفسه بأنّ معلّمه كان متشدداً في ما يخصّ العبادات ومتحرراً تماماً في موضوع العادات .

وتبعاً لهذه الملاحظة يمكن القول بأنّ ابن حنبل تغاضى عن التوّسل بالأولياء وزيارة القبور ..

وفي ذلك نشهد تدرّجاً في الحدة بين الحلقات الثلاث التي تبلورت خلالها العقيدة الوهابية .

فهي إنتقلت من التساهل النسبي مع ابن حنبل إلى الإنتقاد الجذري النظري في جميع الأحوال من جانب ابن تيمية ووصولاً إلى إستخدام العنف وهدم الأضرحة العريقة على يدّ أصحاب ابن عبد الوهاب ومؤيديه ... فالوهابي لا يتردد من أجل الحفاظ على عقيدته في هدم الآثار التي صنعت الحضارة خشية الاضطرار لمقابلة الرواية الأسطورية بالوثائق التاريخية .

ويختم قائلاُ: أنّ المملكة العربية السعودية دولة قريبة بشكل وثيق من الغرب و مؤمركة إلى أقصى حد في حياتها المدنية . وهي تدعو إلى إسلام  ، لا علاقة له بالإسلام الحضاري بقدر ما هو إسلام أخضع لعملية تجهيلية خرج منها واهياً  فاقداً للحيوية ..

إسلام يشن حرباً شعواء على كل الإنجازات التي تحققت في تاريخة وعلى كل ما إبتدعه من جمال . وعلى كل ما أنجز خارج حرفية نصوصه أو تجاوزها وإلتف عليها نازعاً إلى الابتعاد عنها دون أن يلحق بالضرورة بها أذى .