لا شكّ أن التطورات الميدانية في سوريا حيث استطاعت المعارضة أن تحقق تقدماً عسكرياً ملموساً على الأرض ضد قوات النظام جاءت على خلفية تعزيز العلاقات الخليجية التركية ، وبعد الزيارات التركية والمصرية إلى دول الخليج .

حيث بدأت تظهر ملامح تفاهمات جديدة بين الدول الخليجية وتركيا ومصر لمواجهة إيران في المنطقة وهي تأتي في إطار معادلة جديدة لإفهام طهران أنها لا تستطيع ان تكون اللاعب الأقوى دائما في المنطقة العربية ، إذ أن إنجازات المعارضة السورية جاءت فوراً بعد عاصفة الحزم في اليمن  وعدم قبول السعودية والدول الخليجية بسيطرة الحوثيين على اليمن باعتباره الخلفية الأمنية للخليج.

إلا أنَ التقدم العسكري الميداني الذي حققته المعارضة السورية لا يعني بالضرورة أن الأمور في سوريا تتجه نحو الحسم العسكري، لأن أي حسم يحتاج إلى قرار دولي كبير وهذا غير متوافر حاليا ولا يبدو في الافق حصول انهيار عسكري مفاجىء للنظام السوري.

وبالتالي فإن القوى الكبرى ليس لها مصلحة بالحسم بل بالتدمير الممنهج واستنزاف كافة الأطراف المشاركة في الحروب السورية لمصلحة إسرائيل.

وفي جانب آخر ترى مصادر دبلوماسية أنّ الإنجازات الأخيرة للمعارضة السورية وللجهات التي أفسحت في المجال أمام هذا التقدم تأتي في سياق الضغط لتحقيق حل سياسي وفق وثيقة جنيف واحد وهو الحل الذي يحظى مبدئيا بإجماع دول.

وجدير بالإشارة أنّ التطورات في سوريا تتزامن مع انعقاد اجتماعات جنيف التشاورية التي يرأسها الموفد الدولي لحل الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا والتي تشمل عشرين دولة من ضمنها إيران ، وهذه المشاورات انطلقت وتتم بشكل ثنائي ممّ يوحي بوجود خطة دولية للضغط على الأفرقاء السورية من أجل الزامهم بالعملية السلمية.
باعتبار أنه ليس هناك من حل في سوريا إلا بالحوار مع استحالة الحسم العسكري لأي فريق ضد الآخر ، على ان هذه النقطة بالذات تشكل عاملاً أساسياً يساعد دي ميستورا في تقريب وجهات النظر وإعادة العمل لوضع مؤتمر جنيف 3 بين السوريين على السكة
.

وأما الحديث عن معركة القلمون ، فإن تبريرات هذه المعركة والتي ساقها حزب الله لم تعد قوية ، فضلاً عن أنها ستكون باهظة التكاليف في الأرواح والعتاد .

مع الإشارة إلى أن الإستمرار في دعم الرئيس الأسد بات مكلفاً جداً واستنزافيا أيضاً.

مصادر سياسية تكشف عن أن الحديث يجري عن تداول أفكار ومقترحات بعيداً عن الأضواء من أجل التوصل الى حل ينهي الأزمة السورية على قاعدة جنيف واحد أي تأليف حكومة انتقالية لها كامل الصلاحيات التنفيذية ويتمثل فيها الجميع مع طمأنة العلويين عبر مشاركتهم في هذه الحكومة على قدم المساواة مع الآخرين ، مع إبعاد بشار الأسد وأركان نظامه عن الحياة السياسية في سوريا.