تضارُب في المعلومات عن الخسائر والغنائم حول معركة القلمون التي إنطلقَت معركة القلمون بعد ساعات على الخطاب الأخير للأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله، ورجَّحَ مصدر متابع أن تستمرّ لفترةٍ غير قصيرة، على أن تكون رقعتُها الجغرافية كبيرةً جداً، تمتدّ من الزبداني وحتى جرود رأس بعلبك، وسط تضارُب في المعلومات بين “حزب الله” والنظام السوري من جهة، و"جبهة النصرة" و "جيش الفتح " في القلمون من جهة أخرى.

ففي وقتٍ أعلنَ الحزب والنظام السيطرةَ على جرود عسال الورد بمساحة تزيد عن 45 كلم، نفى المسلحون ذلك مؤكّدين مقتلَ 40 عنصراً من “حزب الله” في الاشتباكات.

وسط تضخيمٍ إعلامي شهدَت جرود بلدتَي بريتال وطفيل في اليومين الأخيرين عمليات كرّ وفرّ بين “جبهة النصرة” و"جيش الفتح"  من جهة، و"حزب الله"  والجيش السوري النظامي من جهة أخرى، حيث شَنَّ الحزب هجوماً على نقاطٍ للمسلحين في جرود تلك المنطقة، أسقَطَ خلاله عدداً من القتلى في صفوفهم ودمَّر عدداً من الآليات، وصباح الثلثاء شَنَّت “النصرة” هجوماً معاكساً على مركز للحزب في جرود بلدة طفيل اللبنانية المحاذية لبلدة عسال الورد السورية، ودارت اشتباكات لأكثر من ساعتين صَدَّ خلالها الحزب الهجوم.

وخلال هذه المعركة، استعاد “حزب الله”، وفقَ مصادره، زمامَ المبادرة، حيث بدأت عناصرُه مدعومةً بتغطية من المدفعية الثقيلة وصَليات الصواريخ، هجوماً على مواقع المسلحين، وسيطرَت على تلّة “النحلة” شرق بريتال التي ترتفع نحو 2150 م. وأمس استكملَ الحزب عملياته في جرود بريتال وطفيل، وبدأ هجوماً في جرود عسال الورد، مدعوماً بالطيران الحربي السوري الذي قضى على عدد من المسلحين، وسيطر على مرتفع “القرنة” المؤلّف من ثلاث تلال إستراتيجية في جرود عسال الورد، فيما أفادَت مصادر ميدانية “الجمهورية” بأنّ أهمّية هذه التلال تكمن في كشفِ تحرّكات المسلّحين في جرود الجبّة وفليطا وطفيل وبريتال غرب القلمون.

وتواصَلت الاشتباكات إلى ما بعد ظهر أمس حيث أعلن إعلام الحزب سيطرتَه مع الجيش السوري، على جرود عسال الورد بمساحة تزيد عن 45 كلم.

مصدر متابع لأحداث القلمون أشار لـ”الجمهورية” إلى أنّ “حزب الله” في عملياته الأخيرة “قطعَ طرقَ الإمداد لـ”جبهة النصرة” والمجموعات المسلّحة بعدما سيطرَ على محور طفيل - بريتال وصولاً حتى الجبة وفليطا”، لافتاً إلى أنّ الأيام المقبلة ستشهد تضييقَ الخناق أكثر على المسلحين بعد انكفائهم من جرود عسال الورد، وأنّ العمليات العسكرية ستشمل أكثر من محور في الوقت نفسِه، وتعتمِد على أسلوب قضمِ المناطق، وصولاً إلى تحرير بعض التلال الإستراتيجية، مثل تلّة موسى”

وكان تقریر لوکالة الجمهوریة الإسلامیة للأنباء “إرنا” من بیروت، أفاد أنّ “القوّات السوریّة بالتعاون مع “حزب الله” حرَّرَت مساحة 45 کیلومتراً من جرود القلمون”.

بدورها، أکّدت مصادر قريبة من “حزب الله”، “مقتلَ عشرات المسلّحین من “النصرة” وغیرها من التنظیمات التكفیریة، وتدمیرَ عددٍ کبیر من المواقع والنقاط العسكریة والآلیات التابعة لهم في جرود عسال الورد. وأشارت إلى أنّ الحزب والجيش السوري سيطرا علی کامل جرد عسال الورد بمساحة 45 کلم، وذلك بعد السیطرة علی قبع شعب الجماعة وقبع العریض وقبع الكنیسة وأرض حقل البیك.

وأکّدَت سقوطَ الكثير من قیادیّي هذه المجموعات، ومِن بینِهم القیادي فی “النصرة” الملقّب “أبو مجاهد”، والقیادي الملقّب “الأسود”، وانهیار دفاعات المسلّحین وفرارهم من أرض المعرکة، أمام تقدّم الجیش السوري وعناصر الحزب فی جرود عسال الورد والجبة في القلمون.

 

الإعلام الحربي

وفي حصيلة التطوّرات الميدانية أمس، أعلنَ الإعلام الحربي في المقاومة الإسلامية” أنّ “وحدات الجيش السوري والمقاومة حقّقَت انتصاراً كبيراً في جرود القلمون، بعد متابعةٍ ورصدٍ وتنسيق أفضى إلى وصول الجنود إلى جرد عسال الورد من الجهتين اللبنانية والسورية بعد السيطرة الكاملة على الجرد إضافةً إلى معبر الصهريج، حيث تمّ وصلُ جرد عسال الورد السورية بجرد بريتال اللبنانية وطردُ المسلّحين. وقد تمَّ فصلُ جرود عرسال اللبنانية عن منطقة الزبداني السورية وسرغايا ومضايا، ما أدّى إلى تشتُّت المسلحين إلى جهات متعدّدة”.

ولفتَ إلى أنّ “هذه الخطوة قد تمَّت بنجاح ومن دون أيّ خسائر بشَرية”، مذكّراً بأنّ “هذا الإنجاز لا يتعلق بالعملية الكبرى”. وأشار إلى أنّ “حصيلة القتلى في صفوف المسلحين خلال الأيام القليلة الماضية وصَلت إلى العشرات غالبيتُهم مِن “جبهة النصرة” وفصائل مسلّحة أخرى، إضافةً إلى تدمير عشرات الآليات العسكرية التابعة لهم. وساهمَت تلك التطوّرات الميدانية والخسارة الكبيرة التي تلقَّتها تلك الجماعات في حصول بلبَلةٍ في صفوف المسلّحين وانهيارات وحالات تخوين”.

وأعلنَ “السيطرةَ على مساحات من الجزءَين اللبناني والسوري بلغَت أكثر من 100 كلم مربّع وتتضمَّن عشرات التلال والمغاور، وفيها مواقع ونقاط عسكرية ومعسكرات كانت ملاذاً للمسلحين طيلة الفترة التي تحصّنَت فيها الجماعات التكفيرية.

وتمَّت السيطرة على النقاط الآتية: ضهرة الوعرة الشمالية، مشروع الخضار الفوقاني، حرف البترا، حرف زند التنور، مرتفع الوشن، قبع الديشارة، حرف وادي الصغير،جبل المنار، مشروع الخضار التحتاني، حرف الدقرات، قبع الخمرة، رام الحلاقين الغربي والشرقي، مشروع الموادين، حرف الديشارة، مجموعة تلال قرنة النحلة، حرف الوسطاني، قبع شعب الجماعة، ضهرة العريض، قبع الريض، عقبة صالح، قبع واد الكنيسة، ومرتفع وادي المغارة.

“المرصد السوري”

وفي السياق، تحدّثت مصادر قريبة من المعارضة السورية عن “أعداد كبيرة لقتلى “حزب الله” وعن كثافة نيران وعمليات قصف مدفعي وصاروخي غير عادية شهدَتها المنطقة منذ ساعات الفجر الأولى، وأنّ أصوات الانفجارات كانت تُسمَع في قرى البقاعين الشمالي والأوسط. ولفتَت إلى غطاء ناريّ واسع وكبير لجَأ إليه “حزب الله” لمهاجمة مواقع المسلحين في جرود بريتال وعسال الورد تمهيداً لهجومه أمس.

ونقلت وكالة “فرانس برس” عن المرصد السوري لحقوق الإنسان، “سيطرةَ “حزب الله” والنظام السوري على بعض التلال في منطقة القلمون”. وأكّد مصدر ميدانيّ سوري تقدُّمَ “الجيش السوري وحلفائه” في محيط بلدة عسال الورد وجرودها المتاخِمة للبنان، مشيراً إلى مقتل “العشرات من الإرهابيين”.

واعتبَر مدير المرصد رامي عبد الرحمن أنّ ما يحصل هو “عملية قضمٍ، وليس عملية عسكرية كبيرة”، واصفاً المعاركَ بأنّها “جَسُّ نبضٍ يقوم به كلا الطرفين لمعرفة قدرات الطرف الآخر”. وقال: “تمكّنَت قوات النظام والحزب من السيطرة على تلال عدّة مشرفة على عسال الورد، بعد قصفٍ مكثّف استخدمت فيه صواريخ “بركان” الإيرانية وصواريخ أرض- أرض متوسّطة المدى أطلقَها الجيش السوري، والقصف الجوّي”. وأشار إلى أنّ المعارك مستمرّة منذ يومين “بقيادة “حزب الله” ومشاركة قوّات من الجيش السوري، خصوصاً لواء الحرَس الجمهوري”.

واعتبَر عبد الرحمن أنّ التقدّم الذي أُحرِز “ليس استراتيجياً، والمعارك ليست بالحجم الذي يُصوّره الإعلام”، متحدّثاً عن “تضخيم إعلامي”. ورأى أنّ التقدّم يهدف إلى رفع معنويات قوّات النظام بعد سلسلة الخسائر الأخيرة التي تعرّضَت لها.

“جيش الفتح”

في المقابل، أعلنَ “جيش الفتح”، الذي تشَكّلَ من كتائب معارضة مقاتلة في القلمون، عن مقتل 40 عنصراً من “حزب الله” في اشتباكات خاضَتها فصائل المعارضة “ضدّ الحزب وقوات الأسد”. واعتبَر بدوره أنّه خاض عمليات نوعية في جرود عسال الورد، مشيراً إلى تدمير آليات عسكرية، نافياً سيطرةَ جيش النظام و”حزب الله” على أماكن في القلمون. وأعلنَ عن “صَدّ هجومٍ لحزب الله من جهة طُفيل وإيقاع إصابات مباشَرة في صفوفه وسماع بكاء جَرحاهم على اللاسلكي”.

“النصرة”

من جهته، نفى متحدّث إعلاميّ في “النصرة”، في اتّصال مع “فرانس برس”، انسحابَ الجبهة وحلفائها من أيّ مِن مواقعِها في القلمون، مؤكّداً أنّ “كلّ حديث عن تقدّم لـ”حزب الله” غيرُ صحيح”. وأشار إلى أنّ الاشتباكات “تتركّز في منطقة عسال الورد”. في وقتٍ أعلنَت “النصرة” عبر “تويتر”، “أنّنا نبشّركم بطردِ ميليشات “حزب الله” من النقاط التي استحدَثوها ومقتلِ نحو 40 عنصراً على أيدي أبطال “جيش الفتح” في القلمون”.

وفي موازاة ذلك، شَيَّع “حزب الله” المقاتل توفيق النجار “أبو علي” في مدينة بعلبك، حيث ألقى مسؤول القِسم الاجتماعي للحزب في البقاع الشيخ علي فرحات كلمةً عبَّر فيها عن “اعتزاز المقاومة وفخرها بشهدائها من الشباب وكبار السِنّ ممّن أعاروا جماجمهم لله، فكان النصر حليفَهم في كلّ الميادين”.

صاروخان

من جهةٍ أخرى، سقط صاروخان قرابة الثامنة مساءً على أطراف مدينة بعلبك، مصدرُهما السلسلة الشرقية، من دون تسجيل إصابات في الأرواح.