تعاني القوى الحزبية والسياسية والمجموعات الطائفية والمذهبية من مشكلات عديدة تدفع بها الى نتائج خطيرة سواء على مستوى وجودها المباشر او على الصعيد الوطني والعربي والاسلامي.

ومن هذه المشكلات الاساسية وجود بعض الاوهام القاتلة لدى هذه القوى والمجموعات المختلفة، ومن هذه الاوهام اقتناع بعض هذه الاحزاب والقوى والمجموعات الطائفية او المذهبية بان لديها القدرة على حسم الصراع الداخلي والانتصار على المجموعات والاحزاب الاخرى سواء داخل الوطن الواحد او على الصعيد العربي والاسلامي.

وهناك شواهد عديدة تاريخية وحاضرة حول محاولة العديد من الاحزاب والمجموعات الطائفية والمذهبية لحسم الصراعات الداخلية لصالحها والانتصار على المجموعات والاحزب الاخرى ، لكن النتيجة تكون خسارة الطرفين وتدخل بعض الاطراف الخارجية لصالح هذه القوى مما يؤدي لاستمرار الصراع الداخلي وتهيئة الاجواء لسيطرة القوى الخارجية على البلاد وخضوع الجميع للقوى الخارجية ، اضافة للخسائر الكبيرة في الارواح والماديات وتأخر دولنا عن ركب الحضارة والتقدم.

وحتى لا نذهب بعيدا في التاريخ ، فالحرب اللبنانية التي استمرت 15 سنة شاهد على ذلك حيث سعت كل القوى الحزبية والسياسية والمجموعات الطائفية لتحقيق الانتصار على القوى الاخرى فكانت النتيجة تدمير البلاد وخسارة الجميع ودخول القوى الخارجية على الخط وخضوع لبنان للسيطرة السورية من ناحية ولاحتلال اسرائيلي من ناحية اخرى( مع تمييزنا بين الدور السوري والاحتلال الاسرائيلي) وزيادة دور القوى الخارجية في لبنان. وكذلك الحرب العراقية – الايرانية التي استمرت سبع سنوات وادت لتدمير البلدين وعدم انتصار اي بلد وكانت النتيجة خضوع المنطقة للسيطرة الاميركية وزيادة دور القوى الخارجية في المنطقة.

وهناك شواهد عديدة في العالم العربي والاسلامي وعلى الصعيد اللبناني الداخلي تؤكد عدم قدرة اي طرف على حسم الصراع الداخلي وان نتائج هذه الصراعات تكون سلبية وخطيرة على الجميع. واليوم ونحن نشهد عدة صراعات داخلية كما يجري في سوريا واليمن وليبيا، يعتقد الكثيرون انهم قادرون على حسم هذه الصراعات لصالحهم وانهم باستعانتهم بقوى خارجية يمكن لهم ان يحققوا الانتصار على الطرف الاخر وتكون النتيجة تدمير البلاد وتعزيز دور القوى الخارجية وسقوط مئات الالاف من القتلى والجرحى وتراجع موقع هذه الدول على الصعيد العالمي.

فلماذا لا نتخلص من اوهامنا القاتلة باننا قادرون على تحقيق الانتصار في الصراعات الداخلية ولماذا لا نذهب الى التسويات السياسية قبل ان تفرض علينا من الخارج.

اذا كان هناك من يعتقد انه يستطيع ان يهزم طرفا داخليا اخرا في بلاده فهو مخطيء والنتيجة ستكون تدمير اليلاد ، فهل نتخلص من اوهامنا ام سنظل نكرر الاخطاء نفسها؟.