بعد فشل جولتين سابقتين لمفاوضات جنيف حول سوريا ، عُقدتا بغياب إيران، أو إقصائها كشرط مسبق من قبل المعارضة، ستشارك إيران بدعوة من المبعوث الأممي، دي ميستورا، في الجولة الجديدة من تلك المفاوضات، التي ستبدأ يوم الاثنين الرابعة من شهر الجاري.

 

أثبت مسار الأحداث بعد عقد جولتين من المفاوضات حول سوريا، أن إقصاء إيران، من تلك المفاوضات، لم يصب إلا لمصلحة النظام السوري، وزاد على الشرخ بين المعارضة المتمثلة بالإئتلاف الوطني، وبين إيران .

الجديد في الموضوع هو تصعيد المعارضة الإرهابية في سوريا والعراق (داعش وجبهة النصرة) مما يشكّل مصدر قلق للنظام والمعارضة المعتدلة على حد سواء .

كما موضوع التقارب الإيراني الأميركي الذي حدث ضمن المفاوضات النووية، سيترك تأثيراً على الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف السورية، فضلاً عن أنه وكما لا يمكن تجاهل دور إيران الإقليمي وموقعها كقوة كبرى إقليمية، لديها مصالح في سوريا، كما في العراق ولبنان .

 كذلك لا يمكن تجاهل التغييرات على مستوى الحكومة في إيران، ومجيء حكومة تعطي اهتماماً كبيراً للدبلوماسية السياسي بدل الدبلوماسية العسكرية.

فإن الرئيس روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، على قناعة راسخة بأن الحوار من شأنه أن يفتح طريقاً للإتفاق، وهذا ما أثبتاه خلال المفاوضات النووية مع الدول الست الكبرى.

 

يبدو أن إبتعاد الائتلاف الوطني عن إيران أو إبعاده إيران، من المفاوضات، وفي نفس الوقت تركه الباب مفتوحا أمام الروس، تمّ تحت ضغوط بعض الدول العربية التي تعتاد على الردود الانفعالية غير الناضجة، ولا شك في معارضته لأي مسار يؤدي إلى الديمقراطية.

 

وما يميّز حكومة روحاني عن تلك الأنظمة هو طابعها الحقوقي القانوني، وإحتكامها إلى الحقوق وهذا لم يكن موجوداً عند حكومة إيران السابقة التي كان رئيسها محمود أحمدي نجاد.

وللأسف لم تنظر المعارضة المعتدلة السورية إلى تلك التغييرات السياسية في إيران، بنظرة الإعتبار، ولم تحاول فتح باب للحوار مع الحكومة الجديدة، وإلزامها بما ألزمت به نفسها، من حق الشعوب في تقرير المصير.

 

أتمنى من العقلاء المعارضين السوريين، تبني مقولة المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية الإيرانية آية الله الخامنئي، قبيل الإنتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران، الذي عبّر عن أصوات المواطنين بأنها " حق للناس"، ومفهوم حق الناس له دلالات كبيرة في المعتقد الشيعي خاصة ، حيث لم يعد من حق الله أن يسامح أي منتهك لحقوق الناس، ثم على العقلاء المطالبة بتعميم تلك المقولة على الشعوب الأخرى .

فمن حق الشعب السوري أيضاً أن يقرر مصيره في إنتخابات نزيهة وديمقراطية وشفافة، كما تم تطبيقها في إيران ، عملاً بتوصية المرشد الأعلى .

 

انظروا إلى الرئيس أوباما الذي تحدث أكثر من مرة عن إعجابه بفتوى آية الله الخامنئي بتحريم إنتاج القنبلة النووية، وإتخذ من تلك الفتوى مدخلاً لتعزيز إجراءات منع الحصول على تلك القنبلة .