لفت أحد قياديي "التيار الوطني الحر" لصحيفة "السفير" إلى أنّ "رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون انتزع تفويضاً من حلفائه، بأنّه إذا توصل إلى تفاهم على صيغة مع قوى 14 آذار، وتحديداً المستقبل، يسيرون معه بالتعيين، وعلى هذا الأساس، عقد الإجتماع الشهير بين عون ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، في بيت الوسط في الثامن عشر من شباط الماضي، ولكن الحريري الذي احتفل بميلاد ضيفه الثمانيني، طرح تعيين العميد عماد عثمان رئيس شعبة المعلومات خلفاً للواء إبراهيم بصبوص في قيادة قوى الأمن الداخلي، فكان جواب الجنرال واضحاً بالذهاب إلى مقايضة واضحة (deal) تشمل عثمان والعميد شامل روكز في قيادة الجيش)، إلّا أنّ الحريري استدرك تجاوب عون الفوري بالقول إنّ هذا الأمر يجب إنجازه أيضاً مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، لأنّ الأخير معني برئيس الأركان، طالباً من عون التحرك باتجاه الإثنين معاً، وقال له إنّ الأمور من عنده ستكون إيجابية إذا تمّ ترتيب الأمور مع الزعيمين الشيعي والدرزي".

وأوضح قائلاً: "كان الحريري متيقناً أنّ جنبلاط مدّد سابقاً للواء وليد سلمان في رئاسة الأركان لسببين: أولهما، عدم رغبته في الدخول بعملية مفاضلة بين الضباط الدروز تحرجه مع عائلات معينة، وثانيهما، لأنّه لم يكن يرغب بتعيين الأقدم رتبة بين الضباط الدروز، كونه خدم سابقاً مع الرئيس إميل لحود ومازالت تربطه به علاقة جيدة".

وأكّد القيادي أنّ "على قاعدة كسب الوقت، سارع عون إلى زيارة بري وطرح الأمر معه وكان جواب رئيس المجلس هو ذاته الذي يردّده بأنّه مع التعيين أولاً وثانياً وثالثاً، لكن إذا تعذّر، فإنّه لن يتردد في المضي بالتمديد لمنع الفراغ وحماية الإستقرار، وخاطب الجنرال قائلاً بوجوب التشاور مع رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط لأننا لا نستطيع فصل قيادة الجيش عن رئاسة الأركان، فكان أن ذهب عون إلى جنبلاط وناقشا موضوع التعيينات الأمنية، وكان جواب الأخير: لا مشكلة لدي بتغيير القادة الأمنيين لكن شرط التوافق خصوصاً مع تيار المستقبل، فإذا ساروا معك بالتعيين لا مشكلة عندي.. المهم هو أن لا تؤدي أية دعسة ناقصة إلى مشكلة معينة".

وأشار إلى أنّ "عون كان يشعر مع كلّ خطوة في هذا الإتجاه أو ذاك، أنّ ثمة "قطبة مخفية، وأنّ البعض يضمر عكس ما يعلنه، وخير دليل على ذلك الرسالة الأخيرة التي نقلها إليه النائب الأسبق غطاس خوري من الحريري قبيل سفر الأخير إلى الولايات المتحدة، ومفادها أنّ بري وجنبلاط هما اللذان يعرقلان تعيين شامل روكز في قيادة الجيش، وهنا انبرى "الجنرال" للقول بلغة غير مألوفة عند ضيفه: "إذا كان الأمر كذلك، تفضلوا واطرحوا الأمر في مجلس الوزراء، وستكتشفون حقيقة موقف الجميع وبينهم بري وجنبلاط".

وكان لافتاً للإنتباه أنّ خوري لم يقدم تعهداً واضحاً، وهو الأمر الذي استوجب مبادرة الرابية إلى رفع السقف، من دون التشاور حتى مع أقرب الحلفاء، وذلك بعدما لمس أن هناك من يتعاطى مع ملف قيادة الجيش بوصفه جزءاً من سلة متكاملة تتصل برئاسة الجمهورية، وهذا ما عبَّر عنه بشكل واضح رئيس "كتلة المستقبل" فؤاد السنيورة بدعوته العماد عون للانسحاب من المعركة الرئاسية كشرط مسبق للمضي في خيار تعيين روكز قائدا للجيش.

وأشار المصدر إلى أنّ "من حق عون أن يكون خيار التعيين متاحا بالمعنى القانوني، وذلك أسوة بما يجري من تعيينات في مجلس الوزراء، وهي نظرة يخالفه الرأي بشأنها الآخرون ممن يعتبرون أن موقع قيادة الجيش يوازي في أهميته موقع رئاسة الجمهورية، كما أعلن سعد الحريري صراحة خلال زيارته الأميركية".