التطورات الميدانية الأخيرة في غير منطقة على الأراضي السورية طغت على الحدث اليمني وحجبت الاهتمام والانظار عن الاشتباك السعودي الإيراني الناتج عن التدخل العربي بقيادة السعودية للحؤول دون تمدد الحوثيين مع حليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح وبدعم إيراني في اليمن والتي جاءت قبيل بدء إيران مفاوضاتها النهائية مع الدول الغربية حول الملف النووى.

إذ شكلت هذه التطورات المتسارعة وتقدم المعارضة السورية في مناطق عدة في مقابل تراجع النظام من نقاط تعتبر استراتيجية بالنسبة إليه مادة خصبة للمتابعين والمهتمين بالشأن السوري. وجاءت انعكاسا للمعلومات المتوافرة من عواصم القرار التي تفيد بتراجع النظريات التي تراهن على احتمال بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم.

لا بل إنها تؤكد على احتمالات انهياره بعد تراجع قواته العسكرية في الميدان وانهيار قدرات جيشه على المواجهة باستثناء القصف الجوي واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا وانسانيا. ففي المشهد السوري أكدت الأنباء الواردة من الميدان العسكري على أنه بعد أقل من شهر على سقوط مدينة إدلب بيد المعارضة وقواتها المؤتلفة تحت إسم ( جيش الفتح ) سقطت مدينة جسر الشغور الاستراتيجية وتبعتها مجموعة من المواقع العسكرية القريبة وصولا إلى منطقة سهل الغاب التي تعتبر حلقة مركزية تصل منطقة الساحل السوري الذي يشكل الحاضنة الطبيعية للنظام بمدينتي حلب وحماه.

ويأتي ذلك وسط تأكيد للمعلومات التي تتحدث عن تبلور التفاهمات التي حصلت اخيرا بين السعودية وتركيا وقطر حيث انعكس ذلك تفاهما على الأرض بين مجموعة من الفصائل الإسلامية الكبرى بينها جبهة النصرة تمكنت من تجاوز خلافاتها وتنافسها وتشكيل قوة عسكرية مشتركة على مستوى عال من التنسيق بحيث تمكنت من اجتياح مواقع نظام الأسد بسرعة قياسية بالمقارنة مع حال المراوحة التي استمرت لأكثر من ثلاث سنوات دون أن تحقق اي تقدم يذكر على الأرض.

وفي الجنوب السوري سقطت بصرى الشام وكذلك سقط آخر معبر حدودي مع الاردن بيد المعارضة المؤلفة من تحالف فصائل إسلامية فيما يتحدث النظام مدعيا أنه تراجع تكتيكي لقواته من هذه المواقع. ويترافق ذلك مع شائعات يتولى حزب الله توزيعها عن قرب بدئه معركة الربيع بعد ذوبان الثلج في القلمون ضد الجماعات الارهابية المتحصنة هناك. وفي هذا الإطار يسعى حزب الله إلى توريط الجيش اللبناني في المعركة ودفعه للوقوع في محظور التنسيق مع الجيش السوري.

وهذا ما ترفضه كافة القوى السياسية اللبنانية انطلاقا من اعتماد سياسة النأي بالنفس وعدم إعطاء شرعية للنظام السوري الذي استباح بلده ويقتل شعبه بالبراميل المتفجرة. وفي جانب متصل فإن الصراعات بين أركان النظام أخذت مداها مع وفاة رئيس جهاز الأمن السياسي رستم غزالة نتيجة خلافات داخلية أدت الى تعرضه للضرب على يد قائد جهاز أمني آخر. مما يعني تعرض النظام لانهيارات في بنيته الأساسية انعكست في تراجعه العسكري ميدانيا. اضافة الى ضعف امداداته المالية من إيران وروسيا في ضوء كلام عن مبالغ مالية طلبها من أجل استمراريته ولم يتم تأمين سوى جزء يسير منها.

من الواضح ان الأرض في سوريا تغيرت لمصلحة المعارضة وأركان النظام تتهاوى امام قوى الثورة المتجددة والتي يتزايد تسليحها بشكل مطرد ويرتفع مستواه مع مرور الوقت.

والحقائق التي لا يمكن طمسها أن نظام بشار الأسد يلفظ أنفاسه وبات في مرحلته الأخيرة.