الانسحاب السوري : عشرة اعوام ولبنان ما زال يدفع الثمن !

 

نكون واهمين جداً إن ظننا أننا ننحتفل بالعام العاشر للانسحاب السوري من لبنان أو أننا حققنا "السيادة " ، ونكون سطحيين أكثر  إن ظننا أن دولتنا قد خرجت من تحت الراية السورية واستقلت عن ضفتها .

فممارسات الجيش السوري وأجهزة المخابرات النظامية لم تتوقف عند الاحتلال والظل والقمع والهيمنة والتحكم بقيادات الحكم اللبناني ،إن النظام السوري (تكتيكه) أبعد من ذلك بكثير ، فهو خلال عقود وجوده في لبنان جنّد أزلاماً له و صنع جيشاً آخر بمسمى حزبي لبناني ألا وهو حزب الله .

 

في 26 نيسان 2005 (يوم الانسحاب) ، حسب اللبناني أنه بخروج دبابات المحتل أعاد الكرامة والأمان ، فالشعب اللبناني الذليل "في عصر الوصاية" لبائع القهوة المخابراتي ، شكّل هذا الخروج أملاً له .

إلا أن الأمال لم تكتمل ، فمسلسل التفجيرات التي تتالت عقب الانسحاب ، اكدّت أن يد امبراطورية الشام ما زالت في العمق اللبناني وأن فرعونها ما زال يحرك أحجار شطرنجه المتلبننة ، وأن كل من عارضها مشروع "شهيد متفجر "  .

 

مصيبة لبنان لم تتوقف هنا ، بل اكتملت مع الثورة السورية والتي شطرت لبنان إلى شطرين تداخلا في العمق السوري ، شطر معارض تمثل في "السلفية" وهم من أعلنوا دعمهم للجيش الحر ، وشطر مؤيد وهو حزب الله الشريك اللبناني في الحكم والشريك النظامي في حرب الثورة .

فحزب الله لم يأخذنا فقط في العمق السوري وفي حربه الداخلية ، بل كان المنفذ لأوامر "سوريا" ، وهنا لا نبالغ .

ففي عودة تاريخية نجد ان لبنان خلال العشر سنوات الماضية منذ خروجه من الوصاية ، لم يكن له "حكومة وطنية " بل حكومات متدرجة من مستقيلة لانتقالية لحكومة تصفية اعمال ، لحكومة "ثلث معطل " عطلت .

على صعيد قانون الانتخابي ، لم يتمكن سياسيو الوطن من وضع قانون مما أدى لانتخابات لا تثميل فعلي لها في الفترة الأولى عقب الانسحاب ، ولتمديد للنواب إثر فشل وضع قانون وهذا ما نعانيه الآن .

أما على صعيد رئيس الجمهورية ، فنحن الفاشلون فشل ذريع في  انتخابه ، فالرئيس ميشال سليمان جاء بعد اتفاق الدوحة وبتوصيتها ، لذا نقول بإختياره "شكراً دوحة " ، وبعد انتهاء ولايته غرقنا في فراغ وما زلنا .

 

من المسؤول ؟

ضعف السياسة اللبنانية بكل أطرافها ، بمقابل "هيمنة " حزب الله ، الراعي السوري والإبن الايراني ، الذي لم يترك للبنان فرصة "التنفس" ، حيث أنه منذ انسحاب جيشه لم  يكف عن "العرقلة " لتبيان أهمية دور سوريا في لبنان ، وعجز مؤسساته دونها ، وهو قد نجح بذلك (وبجدارة) من خلال ما عددناه ، كما يظهر دور حزب الله الموالي لسوريا من خلال استمالة العماد عون الذي كان هارباً اثناء التواجد السوري ، ولم يستطع العودة للبنان إلا عند انسحابها خوفاً من البطش به ، نجح حزب الله بإغراءات الكرسي أن يحوّل الجنرال اللبناني الفار إلى جندي عند بشار الأسد .

 

و في هذا السياق نجد أن صورة الهيمنة السورية مستمرة على لبنان بقواعدها وركائزها حتى بعد الانسحاب ، وقد ظهرت هذه الصورة جلياً في ميشال سماحة ، الذي أكد لنا ان اليد ما زالت في الداخل  صوّانية برعاية الحلفاء ، فإعترافاته تجعلنا نسلّم ان هناك المئات من ميشال سماحة في لبنان برعاية دمشق .

 

والواقع السوري وأزمته لم يتوقفا هنا ، فالأعداد التي انسحبت في لبنان في نيسان 2006 ، عادت أضعاف عقب الأزمة ، فالمسجلين رسمياً هم مليون ومئتين نازح سوري ، وإن حسبنا الغير مسجلين يكون العدد كارثي أي نصف سكان لبنان حالياً ، هم من الجنسية السورية!

والأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل أصبح لبنان بوابة انتخابية لسوريا ولبشار(في 28/5/2014) ، ليحصد لبنان مقعده الجمهوري من هنا ، وهذا على سبيل الإصرار والتصميم إعلان أن سوريا ما زالت موجودة وبقوة ، وما زالت تعرقل ، وتهدد لبنان كدولة بدعم من حليفها الحزبي - الشيعي .

 

لذا وفي العام العاشر للانسحاب السوري ، لا سيادة لنا إلا بإجلاء آخر جندي سوري في لبنان وهو "حزب الله " .