كان لكتاب التاريخ الذي أعدته اللجنة المؤلفة  من : " رئيسة المركز التربوي للبحوث والانماء الدكتورة ليلى فياض، الدكتور علي بزي ممثلاً حركة أمل، الدكتور محمود حداد "مستقل"، علي الحلاق من المقاصد، الدكتورة سعاد أبو الروس سليم "مؤرخة ومستقلة"، الدكتور جورج شلهوب "قوات"، الدكتور طوني ضو "عوني"، الدكتور الياس قطار "مستقل"، الدكتور حسن جابر "حزب الله"، الدكتور انطوان حكيّم "كتائب"، الدكتور عصام خليفة "مؤرخ مستقل"، الدكتور عبد الرؤوف سنو "مؤرخ مستقل"، أنور ضو "الحزب الاشتراكي"، الدكتور وجيه كوثراني "مؤرخ مستقل"، وأمال وهيبه منتدباً من المركز التربوي " .

 ان يبصر النور في الـ 2010 بعدما حظي بموافقة مجلس شورى الدولة وحوّل إلى مجلس الوزراء ، غير ان هذه الولادة القيصرية لهذا الكتاب الذي سيحمل بين صفحاته حقائق نعرفها ونتجنب الاعتراف بها لم تتم .

ليخضع الكتاب  في فترة حكومة الميقاتي لإعادة قراءة النص وليكون تحت مختبر التعديلات التي أدخلتها اللجنة الوزارية التي ترأسها الوزير نقولا فتوش، هذه التعديلات التي كانت تهدف أو لذكر شخصيات غيبها التاريخ أو لتجنب ذكر أحداث يخاف المعنيون من مواجهتها ، أو لنسف محطات تاريخية أساسية .

 

أما النص الأصلي الذ أعدته اللجنة و الذي كان سيعتمد قبل لعبة التعديلات فهو وبحسب "جريدة النهار" يتضمن عدة محطات أساسية هي :

"يقرأ المتعلم، على خط زمني، أهم الحوادث والمراحل التي ميزت تاريخ لبنان. والجزء من المنهج المتعلق بمرحلة الحرب في لبنان 1975- 1990، يعتبر الأهم في طريقة عرض ما حصل في لبنان في هذه المرحلة، وهي التي كانت تقسم اللبنانيين بين منطقتين. فيتضمن المنهج مسار الحرب في لبنان، العامل الفلسطيني المسلح ودوره في حرب لبنان، مصلحة العدو الاسرائيلي ودوره في تأجيج الحرب، انعكاس الحرب الباردة والصراعات العربية - العربية على لبنان، دخول الجيش السوري في العام 1976 ودوره في ادارة الأزمة، استشهاد كمال جنبلاط، اخفاء الامام موسى الصدر، الاجتياح الاسرائيلي الاول للبنان (1978) والقراران 425 و426، المواجهات ما بين الجبهة اللبنانية والقوات السورية وحوادث الاشرفية (1978) وزحلة (1980- 1981)، الاجتياح الاسرائيلي الثاني (1982) وخروج الوحدات السورية والمقاومة الفلسطينية من بيروت، انتخاب بشير الجميل رئيسا للجمهورية واستشهاده، مجازر صبرا وشاتيلا، رئاسة امين الجميل، حرب الجبل، انتفاضة 6 شباط، واسقاط مشروع اتفاق 17 أيار، خروج القوات المتعددة الجنسيات، الاتفاق الثلاثي واسقاطه، خطف الاجانب، عودة القوات السورية الى بيروت الغربية، سيطرة الميليشيات على مقدرات الدولة، استشهاد الرئيس رشيد كرامي، القوى الرافضة للحرب (النقابات والمجتمع المدني...)، نهاية ولاية امين الجميل وعهد الحكومتين (عون والحص)، حرب التحرير، التهجير والهجرة، اسعار صرف الليرة وانعكاساتها.
ويعرض المنهج اتفاق الطائف ومسيرة الاستقرار والعمران، ملخصاً عن مقرراته ودور رفيق الحريري فيه، استشهاد الرئيس رينه معوض وانتخاب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية والتمديد له، اتفاق الطائف وتطبيقه، تعديل الدستور، دخول الجيش السوري الى المناطق الشرقية، ازاحة حكومة الجنرال ميشال عون 1990، نزع سلاح الميليشيات باستثناء سلاح المقاومة والمنظمات الفلسطينية، الانتخابات النيابية، سياسة اعادة الاعمار، مصالحات الجبل، السينودس وأثره، مرسوم التجنيس، الانسحاب الاسرائيلي، قرنة شهوان وحركات المعارضة وقمعها، التمديد للرئيس لحود، قرار مجلس الامن 1559، ظروف اغتيال الحريري وثورة الأرز، استقالة حكومة عمر كرامي، الضغط الخارجي والداخلي وخروج الجيش السوري من لبنان، حكومة نجيب ميقاتي والانتخابات النيابية والبلدية، مجيء حكومة فؤاد السنيورة، تشكيل المحكمة الدولية، اتساع عمليات الاغتيال، انسحاب وزراء المعارضة من الحكومة والاعتصام في الوسط التجاري (2007- 2008)، معارك نهر البارد، حوادث السابع من أيار 2008: أسبابها وتداعياتها، اتفاق الدوحة، انتخاب الرئيس ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية."

 

هذا النص الذي قد حظي بإجماع ، لم يكتمل ، فبالرغم من معرفتنا بالوقائع وبكل الظروف التي أحاطتها غير أن هناك صعوبة ومخافة من المواجهة مع تجاهل أن هذه المواجهة هي الحل وهي التسوية حتى نتعلم من أخطاء الماضي فلا نكررها .

 

وظل كتاب التاريخ عالقاً حتى تاريخ اليوم ، غير أن تطور بارز شهدناه على ساحة "التعديلات" وهو إعلان وزير التربية بو صعب في 7 نيسان عن حصوله على توافق سياسي بنسبة 95% حول الكتاب وبانه يعمل على الـ 5% ليصل لإجماع حوله .

هنا ، لا بد أن نضع عدة استفهامات وأهمها على أي أساس وعلى حساب أي تاريخ تم هذا التوافق ؟

  فموقع لبنان الجديد أراد أن يجد أجوبة لتساؤلات العديد من الناس ألا وهي :

 هل يحق إدخال تعديلات على كتاب التاريخ ؟ وهل من الجائز أن يكون الكتاب خاضعاً لضغوط سياسية تغير في مجرياته ؟ وهل يحق لنا ان نحذف محطات منه خوفاً من مواجهتها ؟

 

في هذا الصدد كان لموقعنا ان أجرى اتصالات مع أهل الإختصاص ، ففي اتصال مع الدكتور الكسندر أبي يونس وهو دكتور في التاريخ الحديث والمعاصر في الجامعة اللبنانية الفرع الأول .

ففي سؤاله عن جهوزية لبنان لكتاب تاريخ يتحدث عن كل الوقائع بشفافية وبصدق ؟

أجاب الدكتور الكسندر أنه يجب أن يكون هناك كتاب يذكر الوقائع كما هي كي يتجنبوها فيما بعد ، يجب أن نكتب الحقيقة حتى نتعلم من أخطاء الماضي .

 

وعن أفضلية البقاء على الكتاب القديم أم اعتماد كتاب جديد أدخل على نصه تعديلات قد يتم بها تجاوز بعض المحطات التاريخية والدقيقة في هذا الكتاب لكونها حساسة ؟

قال الدكتور لنكتب كتاب جديد به الحقائق كما هي أو لنبقي الكتب القديمة كما هي .

 

أما عن سؤاله من أين يفترض أن يبدأ هذا الكتاب عند أي مرحلة ؟

أجابنا ، منذ أيام الفينيقيين ، الرومان ، البيزنطيين ، الموارنة ، العرب ، الفتوحات العربية (هناك اشكال  هل هي فتوحات عربية او دخول عربي ) ، المناطق اللبنانية في القرون الوسطى ، عهد الامويين ، العباسيين ، المماليك ، فترة الصليبيين ، لبنان الحديث مع العهد العثماني ، نظام حكم الأمراء في جبل لبنان ( معنيين ، شهابيين) ، نظام القائمقامتين المتصرفية  ، ودولة لبنان الكبير (يجب الحديث هنا بالتفصيل) .

في العام 1943 كان هناك وجهتا نظر بين اميل اده (استقلال لبنان ولكن لبنان بحاجة لحماية دولية حتى يستقر) وبشارة خوري (الانفتاح على العرب والاستقلال عن فرنسا) والتي تمت هي فكرة بشارة خوري واستمر العهد ، سقط بشارة خوري في 1952 في الثورة البيضاء ، عهد كميل شمعون (مهم جداً) أيضاً أصبح هناك وجهتا نظر أدتا إلى ثورة 1958 ، على أثر هذه الثورة عهد فؤاد شهاب (قائد جيش ومؤسساتي أفضل عهد يجب التركيز عليه هو الذي أسس المؤسسات التي ما زال لبنان قائم عليها هو الذي فهم اللعبة اللبنانية وتكوين المجتمع اللبناني ) ، من بعده دخل لبنان في محاور كان بغنى عنها وظهر رأيان في البلد رأي قال علينا بالحياد ورأي قال نحن بصلب الحدث ويجب أن نكون بالأزمة (علينا أن نعرض وجهتا النظر ونترك للطالب أن يقرر ويحلل ويعلم أين مصلحة لبنان ) .

الحرب الأهلية 1975 يجب أن نتحدث عنها بكل تفاصيلها ، (فرنسا وألمانيا وهم أعداء توصلوا لأتفاق بعدما ذكروا الحقائق كما هي ) .

يجب التحدث عن الجيش فهو المؤسسة الوحيدة التي توحدت بعد الحرب الأهلية سريعاً وهي التي بفضلها ما زال لبنان ثابتاً حتى الآن ، وهي المؤسسة الأولى التي ما زالت تتبع القانون وتطبقه .

يجب أن يخصص درس كامل عن دور هذا الجيش ليس العسكري بل الإنمائي أيضاً ، فعدا الحرب والانقسام في حينها ، فهو الجيش الوحيد الذي لم ينقلب على السلطة السياسية .

 

وعن ضرورة ذكر الأوطان العربية وتاريخها في منهجنا  كما في الكتاب القديم ؟

قال نذكره لنذكر الفروقات فلبنان هو البلد الوحيد الذي حارب العدو الاسرائيلي وتحمل النزوح الفلسطيني واليوم يتحمل السوري بينما هناك دول قامت بمضي اتفاقات سلام مع اسرائيل وأصبح هناك علاقات دبلوماسية بينهم وبينها .

كذلك من ناحية الجيوش ، فالجيش اللبناني لم يحارب ولا دولة عربية ولم يقم بإنقلاب وهو الوحيد الذي انتصر بمعركة الملكية ضد العدو الاسرائيلي بينما حينما سلم الملكية لجيش العرب والإنقاذ هزموا .

بالإضافة أن للجيش اللبناني مسؤوليات إنمائية تنموية اجتماعية ، فهو يلعب دور هام في الداخل هو الحكم بين الأطراف .

 

لا بد من إصدار كتاب تاريخ جديد يتحدث عن كل مكونات المجتمع اللبناني ومن أين أتت ، فالطوائف اللبنانية هم جماعات هربوا من جماعاتهن الكبرى والتقوا في لبنان وعليهم أن يحكموا هذا البلد وأن يتعلموا من الحروب الماضية لأن لا أحد ينتصر إلا الوطن .

 

أما عن سؤاله أين يجب أن يتوقف هذا الكتاب عند أي مرحلة ؟

قال الدكتور الكسندر أن المكان الأنسب ليتوقف بها الكتاب هو بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري في العام 2005 وانسحاب الجيش السوري .

 

وحينما سألناه عن الفترة الزمنية التي يجب أن تعتمد لإعادة إصدار كتاب تاريخ وذكر الأحداث الجديدة ؟

أجاب مع كل جيل (25 سنة) ، يتجدد ويضاف إليه .

وقال هناك وثائق هناك دول تكشفها بعد 50 عاماً ودول أخرى بعد 80 عاماً ، أما برأيه الخاص فكل 25 عاماً مع كل جيل يجب أن يتغير ويضاف عليها الأحداث .

وأضاف آن الأوان كي يعتمد كتاب تاريخ للبنان موحد كل المدارس تدرس به ، حيث إذا بقيت كل طائفة وكل منطقة تدرس شيء مختلف كارثة لأننا حينها لن نلتقي على أواصر مشتركة لوطننا .

 

 

وفي اتصال آخر لموقع لبنان الجديد مع الدكتور عبد الله الملاّح وهو دكتور في تاريخ لبنان الحديث والمعاصر في الجامعة اللبنانية الفرع الثاني .

ففي سؤاله عن كتاب التاريخ الذي قد يعمد إلى تجميل بعض الوقائع لحساسية ذكرها ، وهل يحق لهم اللعب على التفاصيل ؟

أجاب الدكتور عبد الله ، لا أحد يحق له اللعب على التفاصيل أو تغيير الحقيقة ولكن يمكن أن يتم الإكتفاء بذكر الوقائع بطريقة لا تمس بأحد ولكن ليس على حساب الحقيقة .

 

وعن المرحلة التي يجب أن يبدأ منها هذا الكتاب ؟

يجب على الطالب أن يعلم تاريخه بلاده (الماضي) بإختصار وعرضه بمحطات والاتجاه للوقائع الحديثة والمعاصرة .

يجب أن يكون هناك عدالة في توزيع المعلومات فالتاريخ هو ماضي وحاضر ومستقبل .

 

وعن المرحلة التي يجب أن يتوقف الكتاب ؟

قال هناك فترة زمنية لا تكشف فيها الوثائق الدقيقة ، يجب مراعاة هذا العامل إذ أنه لا نستطيع عرض تاريخ البلاد استناداً للصحف .

هناك عرف دولي عالمي وهو أنه يجب أن يكون هناك 50 عاماً قد مرت على الحدث حتى تكشف وثائقه .

 

 

 

 

إذا ، وبعد الاتصالات التي قمنا بها ، والبحث الذي اعتمدنا ، نرى أن كتاب التاريخ ليس بمعضلة ، ولكن خوف أهل السياسة من مرآة حقيقتهم هو لب القضية وهو الذي يمنع إصداره ، فالأحداث ما زالت في الذاكرة والجرح ما زال ينزف ، والحل هو مواجهته حتى يكون لنا عبرة .

بإختصار ، أعطونا كتاب تاريخ ولا تشوهوا التاريخ ، فيا أهل السياسة في وطني واجهوا خطاياكم ولو مرة عسى أن تكون لكم مغفرة في هذا الكتاب .