عاصفة الحزم لم تعصف الحوار اللبناني فقط بل نسفته محوّلة الانقسامات الداخلية لمنابر انفعالية ولردود خارجة عن الأدبيات السياسية .

فإطلالة السيد البارحة قد حملت العديد من الأبعاد الخطيرة والمبشرة بالأسوأ . فمن التشكيك في اسلام وعروبة المملكة العربية السعودية ، لكلام تاريخي يسيء للأمة أكثر مما يحسن إليها . لتوصيفات وهابية ... يعلو سقف الخطاب ليصل الحد الديني والمذهبي . خطاب السيد اكان بمثابة "تلميع" لليمن و "تحقير" للعرب الممثلين بسعوديتهم ، كما ولم ينسَ تمجيد أسياده الفرس وتجديد الولاء لنهجهم ، ليمنحهم الرتبة العالية فالايرانيين هم الذين مدوا اليد لأهل الخليج إلا أن أولياء النفط قد تكبروا !

خطاب نصر الله وما فيه من إهانة لتاريخ الـ سعود وما رافقه من تلميحات واضحة للحلفاء منبهاً إياهم أن لا يهللوا سريعاً بالنصر ومستشهداً بالتنبؤات الخاطئة التي سبق وأطلقها المستقبل وأتباعه عند الأزمة السورية . هذا الخطاب الخشبي لم يمر مرور الكرام فما إن أنهى السيد كلمته حتى أتاه الرد .

فالشيخ سعد لم يسكت عن اهانة المملكة والمس بها ،فسارع بهجمته على الخطيب ليعيّر السيد بأنه على خطى الخامنئي في أساليب التحريف ونشر المذهبية وتعبئة الحشود ، ولم يتوقف الحريري عند هذا الحد بل رفع السقف واضعاً المملكة والراحل عبد العزيز في معيار واكبر مقام في طهران وصولا لأصغره في الضاحية في معيار آخر (كرد على تحقير السيد لسعوديته) . كما ندد بشريكه الشيعي في الوطن معتبراً أن ما يقدمه حزب الله في خطاباته ومواقفه بعيداً عن لبنان بعد ابليس عن الجنة . أما بالنسبة لتاريخ السعودية واليمن واستعادة السيد لهما (رافعاً اليمن ، مهيناً المملكة) فقد قال الحريري أن ما بينهما من تاريخ أكبر من طهران وأهدافها ، متهماً الحزب بالسير وراء الأهداف الحوثية الايرانية ، ليختتم تغريداته العنيفة بجملة أقل توصيف لها أنها تعبير مسرحي : اخيراً، لماذا كل هذا الجنون في الكلام؟ انها عاصفة الحزم يا عزيزي!

بالفعل هي عاصفة الحزم التي أدخلتنا في عمق اللغة المذهبية والتقاذف الطائفي بين المنابر ، وهي اليمن التي فجرّت عمق الازمة في لبنان وأفقدت صواب الأتباع ، ليصل كل من السيد والسعد لمتسوى خطاب خشبي لا يليق بالحنكة السياسية ، فهذا يدافع كلاماً عن سيده الفارسي وذلك يغرّد متضامناً مع ملكه السعودي متشاركين معاً في تعبئة الشعب طائفياً ومذهبياً !