كن نقابياً ... ثم إعمل .

على المتخرج في لبنان من فروع الحقوق والهندسة والطب وسائر المهن التي تُلزم خريجها بإذن نقابي أن يحفظ هذه المقولة جيدا ، بل وعليه ان يضيف عليها وبالخط العريض عبارة ( إعرف سياسي بمون .. ثم إعمل ) ، نظراً لما تحمله الامتحانات النقابية من نظام وساطي جائر . يتخرج من جامعات لبنان سنوياً آلافاً من المحامين والمهندسين والأطباء ، أما عدد المنتسبين إلى النقابة فهو : على صعيد المهندسين : حوالي 38900 مهندساً في نقابة بيروت وحوالي 8000 مهندساً في نقابة طرابلس . أما على صعيد المحامين فحوالي 6600 محامي مسجلين نقابياً .

في وطن يتخرج منه سنوياً أكثر من 700 محامي ، وأكثر من 1300 مهندس ! والمشكلة تنقسم على شطرين :

الشطر الأول : في الانتساب النقابي الذي يخضع لمعايير الواسطة والمحسوبيات السياسية وغيرها ، ليكن الأول على دفعته الجامعية خارج النقابة (عاطلاً عن العمل) ، والمدعوم الذي نال شهادته (برشوة) عضواً فيها . وهنا المسؤولية تقع على عاتق النقابة باللاعدالة ، وبأولوية الواسطة على الشهادة والكفاءة . فخريج الجامعة الذي ربط مصير مزاولته المهنة بإذن نقابي من حقه أن يخضع لاختبار عادل ، وهذا طبعاً مغيب في الواقع النقابي اللبناني مما جعل عدد هائل من الخريجين ولا سيما في قطاعي المحاماة والهندسة أو يجلسون بإنتظار رحمة نقابية او يبحثون عن مهنة أخرى .

الشطر الثاني للمشكلة هو عدم دراسة سوق العمل ، فهل يستوعب لبنان الذي يبلغ عدد ساكنيه قرابة الأربعة ملايين هذا العدد من المحامين والمهندسين سنوياً ؟ إلا إن كنا نريد محامي لكل بيت ومهندس لكل عمارة !

طبعاً ، بلد كلبنان لا يستوعب هذا العدد الهائل من الخريجين ، فما الحل ؟

الحل بدراسة سوق العمل ، وبإعتماد سياسة توجيهية مع الطلبة عند التسجيل في الجامعات إضافة إلى خلق فرص عمل جديدة ومجالات دراسية لها . فبدلاً من أن يتخرج الطالب من مهنة ليمتهن مهنة أخرى ، لنعمل على إرشاده منذ انتقاله من المرحلة المدرسية للمرحلة الجامعية للتوجه إلى التخصص في مجالات يستوعبها ويحتاجها سوق العمل .

إن غياب ربط الدراسة الجامعية بسوق العمل والتوجيه أدى إلى عدة مشاكل في لبنان أهمها : • البطالة ، ونسبة كبرة من العاطلين عن العمل هم من حملة الشهادات .

• فوضى العمل ، واتجاه الخريجين إلى مهن لا تليق بما حصدوه من علم .

• عدم التخصص فمقولة (الانسان المناسب في المكان المناسب ) غائبة عن المجتمع اللبناني .

• تخمة النقابات ، وتخمة عديدها ، فعلى الرغم من صعوبة الحصول على إذن نقابي إلا أنه يظل الواقع مر ، والأكثر مرورة منه هو "بهدلة المهنة" من الواصلين إليها بكارت واسطة .

وممن يعانون هذه المشكلة الأستاذ خالد عكاري وهو المتخرج من كلية الحقوق ، الأستاذ خالد يعمل كناظر لمدرسة وقد سبق وامتهن عدة أعمال بعيدة عن المحاماة . وفي سؤاله إن كان تقدم للنقابة ، أجابنا أنه تقدم مرة ولم يوفق ، وأنه يهدف لمزاولة المحاماة غير أنه يحتاج لإذن نقابي . وعن واقع هذه المشكلة قال لا بد من تخطيط ودراسة لسوق العمل ، أما إن كان يندم على دراسته الحقوق هي المهنة التي منعه الواقع الغير مدروس والمبني على المحسوبيات من امتهانها ، يقول أستاذ خالد ( ما بندم أبداً ، ولو بيرجع الزمن كنت برجع اعمل محامي )