أربعون عاماً ولّت على الحرب الأهلية ولم نتعلم ، فسخرية القدر في لبنان أن مجرمي حرب الثالث عشر من نيسان هم أنفسهم اليوم من يقفون على هامش ذكراها ، يغردون "الكترونيا" باللاعودة إليها ، ويتعبون مسامع الشعب بالخطابات التي صاغها لهم (إعلامهم التابع)  بنبرة "طنانة " .

فالأحزاب اللبنانية المجرثمة بدماء الحرب وإثمها ما زالت تتمادى ببث الأوبئة  ونشر سموم الفتنة ، ولكن فلنكن واقعيين ومنطقيين فهذه الأحزاب ليست لبنانية ، وحقيقة الأمر أنه ما من عمل حزبي فعلي في لبنان .

 

فحزب الله مثلا هو حزب "نصر الله " ، وبما ان الأمين فتى ايران وسوريا ، فولاء الحزب تابع إليهما ، أما السياسة التي ينتهجها فهي " الحمية الدينية " ، فمن الحسين لكربلاء استطاع نصر الله أن يحشد حوله الجمهور الشيعي تحت آية "حزب الله هم الغالبون " ، موهماَ الأتباع (العميان) بتصريح مفتوح له ولحزبه بفتح المعارك متى يشاء فهم الغالبون !

حزب الله التابع للسيد لا يؤمن بالسياسة اللبنانية ولا بسيادتها حتى ، فقبيلة الأمين هي قبيلة فارسية ، وبالتالي أبناء القبيلة المحسبون على الجنسية اللبنانية هم في الصميم "ايرانيين " .

نصر الله الذي جرّ الحزب والوطن لأكثر من مأزق دموي ، من قرار الحرب والسلم الذي اتخذه سيد القبيلة الحسينية متفرداً  و وعده الهش ، لحرب أيار ضد " ألداده اللبنانيين " ، لتفانيه في الدفاع سلاحاً عن دمشقه وصولاً لطبوله الخطابية التي تعلو حماية لطهرانه ...

يجعلنا نحسب أن صانع الحزب يقول : لكم لبنانكم ولي (قبيلتي و ولائي ) ، ولا أظننا قد ظلمناه بما التمسنا فعلم لبنان المغيب عن احتفالاته و نشاطاته ومربعه الأمني خير شاهد على تمزيقه للهوية اللبنانية ، وفي هذه الصدد  فهو لم يترفع فقط عن لبنانيته فمن ناحية التحالف المر بينه وبين أمل ، لا نستبعد أن يكون قد قال أيضاً في سياق ما لحليفه الغير صديق (نبيه بري ) لك شيعتك ولي شيعتي .

فحزبه المبني تبعاً لما تبغي العمامة والعباءة ، هو فوق المذهبية الدينية وأعلى من الوطن .

إنه حزب مرتهن لمصالح "نصر الله " وأسياده .

 

أما عن تيار السلف السعودي ، تيار المستقبل ، فقبيلة الحريري وبعد استشهاد الرئيس لم تهضم فكرة أن تظل بعيدة عن الحكم والسلطة ، وذلك طبعاً بأوامر خليجية ، فيد السعودية – الحريرية ، لا بد أن تظل في العمق اللبناني ، ليكن سيد القبيلة الجديد الشيخ سعد ، الذي لا يعرف عن لبنانه غير اللغة العربية (الركيكة) ، وخطابات التأتأة .

الشيخ سعد (والسما زرقا) ، لا يعرف عن سنته الذي اتخذ من تياره منبراً لها غير قشوراً سطحية ، ولا نعتب فهو العلماني الفكر الخليجي الهوى .

في العلن تيار المستقبل هو للبنان وللسنة ، أما في الواقع فهو ل آل الحريري وللسعودية ، فسعد الذي نأى بنفسه عن كل الأحداث اللبنانية متزلجاً خارج حدود الوطن ، أطلقت لسانه عاصفة الحزم لنشهد منه هجوماً شرساً ضد كل خطاب يمس وطنه المملكة !

 

ولكن لا بد من التنويه هنا ، فإن كان على مستوى الشيعة هناك تحالف خدّاع بين قبيلتي أمل وحزب الله ، إلا أنه في معترك الأرض السنية ظل النفور جليّ بين كراميّ طرابلس وحريريَ صيدا !

ليظل سعد كما الشهيد قبله ، منزوع الحق في التمادي شمالاً ، ولتظل مشاريعه الطرابلسية متعثرة التنفيذ بضغط من البيت الكرامي .

 

 

واللعبة الحزبية لم تتوقف عند السنة والشيعة فهي حاضرة وبقوة عند الدروز بل ومتوارثة علناً ، فمن كمال لوليد لتيمور تنتقل سيادة قبيلة الجبل .

وكذلك الأمر عند الكتائب ، فإن أراد الأب التنحي يقول الكتائبيون "قام الابن ، حقا قام " لتتنقل الوصاية لعهدة الخليفة .

 

والأمر قياس على كل الأحزاب اللالبنانية، فهذه الاحزاب من مسلميها لمسيحيها تنتقد الخلافة والقبيلة ، وهم في صميمها ، وتتحدث بالوطنية وهم لا يؤمنوها .

فماذا يختلف الحزب التقدمي الاشتراكي عن نظام الخلجان ؟

والوراثة في جبله حق مشروع من الاب لابنه ، طبعاً فالحزب تابع للزعيم ، وليس الزعيم موظفاً لحزبه .

وماذا نختلف نحن بكل أحزابنا عن اليمن ؟

فكل حزب عندنا قبيلة مستقلة ، وكثيرة هي القبائل (المتلبننة) التي تتناحر لطاعات خارجية .

 

بالمختصر ، نحن بلد بلا أحزاب ، ودمرتنا "العصبيات " ، فمن الحرب الأهلية إلى اليوم اللعبة واحدة ، والقاتل واحد .

أما الضحية فهو الوطن بشعبه !