لعل الزيارات والاتصالات المكثفة بين المملكة العربية السعودية وتركيا بالإضافة إلى قطر، دفعت العديد من مراكز الأبحاث السياسية، وكذلك المواقع الغربية لتحليل ودراسة وجمع بعض المعلومات المتوفرة عما يجري أو يتم التحضير له.

موقع (هافنغتون بوست) الأمريكي الشهير، والذي يحتضن أبرز الكتاب السياسيين الأمريكيين، كما أنه من بين المواقع التي تتصدر المواقع العالمية الأكثر متابعة، نشر مؤخراً تقريراً بعنوان " تحالف غير متوقع بين السعودية وتركيا للإطاحة بالأسد".

يقول التقرير أن السعودية وتركيا تجريان محادثات عالية المستوى بهدف تشكيل تحالف عسكري للإطاحة بالأسد ( وطبعاً ينشر الموقع هذه المعلومات وفقاً لمصادر وصفها بالمطلعة)، حيث يشرح عملية المفاوضات التي تتوسطها دولة قطر، ويتوقع من خلالها أن تقدم تركيا القوات البرية، فيما ستقوم السعودية بعملية الدعم عن طريق الغارات الجوية، لمساعدة من سماهم التقرير ( مقاتلي المعارضة السورية المعتدلين).

يؤكد التقرير أن هذه التطورات والمحادثات نقلها أمير قطر الشيخ (تميم بن حمد آل ثاني) إلى الرئيس الأمريكي (باراك أوباما)، خلال زيارته لواشنطن في شهر شباط الماضي ( أي قبل حوالي شهرين)، حيث شجع أوباما دول الخليج على بذل المزيد من الجهد في هذا الإطار لتعزيز الأمن الإقليمي، وقال أنه يتقاسم الأفكار مع أمير قطر حول كيفية إزالة الأسد.
التقرير يضيف أنه منذ تلك التصريحات، فإن الولايات المتحدة واصلت غاراتها الجوية اليومية ضد أهداف الدول الإسلامية في سوريا، بالإضافة إلى تعزيز برامج تدريب المعارضة، لكنه بذات الوقت لم تقدم علناً أي استراتيجية لكيفية التفاوض حول إنهاء حكم الأسد.

ويقول مصدر خاص للموقع له علاقة بالمحادثات، إنه في حالة تقدم المحادثات بين السعودية وتركيا فسيتم التدخل العسكري في سوريا، سواء دعمته الولايات المتحدة أم لم تدعمه، كما يشير الموقع أن سفارتي السعودية وتركيا في الولايات المتحدة، رفض التعليق والحديث عن هذا الموضوع.

ويذهب (هافنغتون بوست) إلى أن تركيا ترغب برحيل الأسد، لكنها لا تريد القيام بدور أكبر دون تدخل موسع من السعودية التي تعتبر القوة العربية السنية، وقد انتقدت تركيا التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وتركيز الحملة الجوية حتى الآن على العراق، دون أن تشمل الغارات نظام الأسد.

ويؤكد الموقع أن هناك مؤشرات سابقة على أن تركيا والمملكة العربية السعودية تناقشان جهود التعاون فيما يخص سوريا، وخصوصا عندما زار الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان)، العاهل السعودي الملك (سلمان بن عبد العزيز)، حيث أعلنا عن اتفاق بشأن تعزيز دعم "المعارضة السورية" وتوسيع نطاق التعاون الشامل في مجال الدفاع والمسائل الأمنية".

ويستدرك التقرير بأن التقارير الجديدة تعبر عن أول تعاون عسكري مباشر بين البلدين، فبعد أسابيع من لقائه العاهل السعودي وقع أردوغان اتفاقية تعاون عسكري مشترك مع قطر، وتقضي بالتعاون الأمني، والتشارك في المعلومات الاستخباراتية، ونشر القوات التركية والقطرية في مناطق النزاع الأخرى. وجاء هذا الإتفاق بعد اتفاقية وقعت بين البلدين عام 2012، ما جعل قطر في وضع جيد للتوسط بين السعودية وتركيا. 

ويظهر الموقع أن ممثل حزب الشعب وعضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان النائب عصمان تاني كوركوتيرك، قد عبر عن قلقه من إمكانية نشر القوات التركية قريبا في سوريا. ويجد التقرير أن التقارب التركي السعودي يشمل تخفيف حدة المواقف السعودية من الإخوان المسلمين، وهو ما تراه تركيا أمرا مهما. وبحسب المتخصص في الشؤون التركية في المعهد الملكي للدراسات المتحدة (آرون ستين)، فإن اللقاء الذي عقد في آذار/ مارس بين أردوغان وسلمان جاء بسبب موقف العاهل السعودي المختلف من الإخوان المسلمين، حيث يشير (ستين) إن الملك سلمان "ربما لا يحب الإخوان، لكنه اكتشف أن الحرب ضدهم ستقسم العالم العربي، وستمنع من التوافق حول أهداف السياسة الخارجية السعودية، من مثل وقف تقدم إيران وهزيمة الأسد".