بدأت حرب علي عبد الله صالح على «المتمردين الحوثيين» عام 2004. وبلغت حملته عليهم ذروتها عندما أعلن عام 2009 بعد نشر 40 ألف جندي أنه «سوف يقضي عليهم مرة واحدة وإلى الأبد»، وأن الحكومة سوف تسحق التمرد «بقبضة من حديد». غير أن الذي حدث كان توسع منطقة القتال إلى أماكن جديدة.
اليوم يحارب علي عبد الله صالح إلى جانب «المتمردين الحوثيين»، أو هم إلى جانبه. وبصرف النظر أين هو الآن، لعله يتأمل قرارات 33 عامًا من الحكم وقرارات ما تلاها خارج الحكم. كيف وقف إلى جانب صدام حسين في احتلال الكويت، متخطيًا معيشة ومصالح عشرات آلاف اليمنيين في الخليج، ومتغطرسًا على مساعدات السعودية واستثماراتها.
ثلث قرن من حكم اليمن، عندما انتهى، كان حظ اليمني من الدخل 900 دولارا. وغني عن القول إن هذا في العام كله، وليس في الشهر. وعندما انتهت العقود الثلاثة كان إنتاج النفط قد هبط إلى الثلث، وبقيت الأميّة عند 50 في المائة بين الرجال و73 في المائة بين النساء. ولسبب انعدام المشاريع الزراعية، إلا القات السريع الأرباح، والمستهلك الشديد للمياه، تقف اليمن إلى اليوم أمام أزمة مياه وشيكة وخطيرة.
قبل أن يشرح علي عبد الله صالح إلى مواطنيه ماذا حققت عهوده لهم في أي حقل من الحقول، لا يستطيع أن يفسر لهم لماذا يخوض الآن على الشرعية إلى جانب «المتمردين الحوثيين». ونرجو ألا يضع بين الإنجازات حرب «الوحدة» مع الجنوب لأنه ترك هناك من مشاعر الانفصال والمرارة والتذمر أكثر مما ترك من رغبات وحسنات الوحدة. لقد عامل الجنوب كما عامل الشمال على أساس أنه ساحة فساد يسرح فيها أقاربه وأزلامه ويمرحون كأنما اليمن مزرعة المشير الكبرى.
الحوثيون مشروع محلي إقليمي دولي معروف. أهدافه معروفة ومكوناته معروفة ومرجعياته معروفة. لكن ما هو مشروع صالح لليمن غير ابنه وأبناء عمومته والحنين إلى السلطة؟ وكم موقعًا غيَّر ومكانًا نقل من أجل كرسي صغير؟ وإلى أين يأخذ اليمنيين هذه المرة وفي أي اتجاه؟ لا بد للرجل أن يتوقف قليلاً أمام ما فعل، وأمام ما حقق، وأمام ما وعد، وأمام نسبة الوفاء ونسبة الفناء.
الخارج يتطلع إلى اليمن اليوم على كونه مأساة عربية أخرى. الحقيقة أن اليمن كان مأساة كل يوم، وتخلُّف كل يوم، والمعدل الوحيد الذي يرتفع هو معدل الولادات والبطالة والتضخم والهجرة. ولطالما أبلغت منظمات الأمم المتحدة المشير في صنعاء أن بلده يقف على حافة الانهيار إن لم يفعل شيئًا. فكان يجدد.

 

الكاتب: سميرعطا الله