في دولة اللاشرعية البخيلة بإقرار زيادة بسيطة وغير مدروسة على معاش الموظفين ، في دولة الفراغ التي لا تفرض رقابة  جدية على الاجور ، بحيث هناك مؤسسات تصرف أقل من هذا الحد الأدنى " التعبان "؟

ففي قانون الأجور لم تفكر الدولة جدياً  ببدل نقل ولا بمستلزمات المعيشة من صحة ، وتعليم ...

وطبعاً لم تفكر في الكماليات المرفهة ( ونحن مستغانيين انهن يفكروا ) فالمواطن لا وقت لديه لها ، هذا المواطن " المعتر" الذي يجمع بين عملين على الأقل ، ليصل مردوده لمليون ليرة إن كان محظوظ !

 

هل تعلم الدولة التي حددت الحد الأدنى بحوالي ( 675 ألف ليرة) يصل بأحسن حالاته لـ (800 ألف) أن ايجارات المنازل في لبنان أكثر من 500 $ !

وأن لقمة العيش غالية ، وأسعار الأساسيات والضروريات مرتفعة " متل النار" ...

 

طبعا لا تعلم فالنواب والوزراء في مزرعة الدولة قانعين في برجهم العاجي ـ لا يفقهون ماذا يعني غلاء المعيشة والأسعار العالية ، ولم يضطروا يوماً إلى الدين قبل " اخر الشهر " ، ولم يعلموا كيف المعاش " دغري بطير " .

ولا عتب على الريس ...

فهم لم يجربوا اللقمة الصعبة (من عرق الجبين ) ولم يحملوا عبء (كشفية حكيم ) أو قسط مدرسي .

هم بألف خير ، والشعب بوضع جد تعيس .

 

أما معاشات أولياء الحكم في لبنان فهي  " خيالية " ، ويستمر مفعولها عند استلام السلطة وبعد التنحي عنها وبعد الوفاة ، بمعنى أصح (أبدية ) .

أما عن تسلسل الرواتب حسب مواقع السلطة فهي على الشكل التالي :

رئيس الجمهورية: 18 مليوناً و750 ألف ليرة شهريًا، أي ما يعادل 225 مليون ليرة سنويًا.
رئيس مجلس النواب: 17 مليونًا و737 ألف ليرة شهريًا، أي ما يعادل 212 مليونًا و844 ألف ليرة سنويًا.
رئيس مجلس الوزراء: 17 مليونًا و737 ألف ليرة شهريًا أي ما يعادل 212 مليونًا و844 ألف ليرة سنويًا.
الوزير: 12 مليونًا و973 ألف ليرة أي ما يعادل 155 مليونًا و244 ألف ليرة سنويًا.
النائب: 12 مليونًا و750 ألف ليرة لبنانية أي ما يعادل 153 مليونًا سنويًا.

 

في حين على رأس هرم المعاشات حاكم مصرف لبنان ، براتب شهري يصل الى 40 مليون ليرة أما سنته فهي 16 شهراً أي 640 مليوناً في السنة ، هذا دون التعويضات وبدل سفر و .. و ....

في حين أخبرتنا مصادر أن هذا المعاش كان قبل 2011 ، ليصبح بعدها مردود حاكم المصرف unlimited  فيحق له أن يأخذ ما يشاء متى يشاء .

 

ففي هذه الدولة التي لا تراعي الخلل بين الأجور وبين المعيشة ، وتماطل بسلسلة الرتب والرواتب تحت مقولة " الخزينة ما بتتحمل " .

تدفعنا إلى التساؤل : هل من البديهي  في دولة مديونة ومصابة بعجز أن تكون معاشات الرؤوساء بها " خيالية " ؟

وهل من المنطقي أن يتحمل المواطن عبء دفعها من " الضرائب " التي تتخذ سلك تصاعدي ، ليكن المواطن كالعادة هو " الحلقة الأضعف " ؟

 

في اتصال لموقع لبنان الجديد مع الدكتور علي السنكري دكتور الإدارة المالية في كلية إدارة الأعمال الفرع الثالث ونائب مدير بنك اللبناني السويسري ، وسؤاله عن أجور الموظفين المحددة ( بتخلص عشرة الشهر ) والواقع المعيشي الصعب  من جهة والأجور الخيالية لاهل السياسة من جهة أخرى ؟

أجابنا دكتور علي أن الرواتب والأجور هو واقع موجود في لبنان منذ زمن بحكم ان لبنان أولاً بلد استهلاكي بالدرجة الأولى  وبالتالي حاجات المواطن معيشية ، وهو بلد مستورد  للسلع يعتمد دائما على السلع والخدمات التي تأتيه من الخارج أكثر من الاعتماد على السلع المصنعة داخل لبنان .

ولا يوجد دراسة نهائياً لواقع زيادة الأجور وحاجات الفرد ، الحد الأدنى للأجور يجب أن يكون قائم على عدد أفراد العائلة وإن كانوا قصار أو لا ( 800 ألف لا تكفي عائلة لديها ثلاثة أطفال) ، وهذا هو المعيار الأول أم المعيار الثاني فهو تواجد أكثر من فرد عامل ( الزوج والزوجة يعملان مثلاً) بالتالي يرتفع المدخول ويصبح بإمكانهم أن يتحلموا نسبياً الأعباء العائلية والأعباء الإقتصادية  .

كما أن لبنان بلد " جداً غالي " مقارنة مع الدول المجاورة ( بإستثناء سوريا بسبب الظروف الحالية ) ، كل هذه العوامل خلقت فوارق اجتماعية لم يعد هناك من طبقة متوسطة موجودة بحكم رواتب معدومة أو رواتب خيالية مع الإشارة إلى النائب لا يعتمد على معاش العشرة مليون (ما بكفيه) بل على مصادر أخرى ، ومعاشه هو خيالي بالنسبة للمواطن العادي الذي مدخوله 600 ألف .

ليضيف ، أنه أصبح لدينا فقط طبقتين في المجتمع اللبناني ، طبقة فقيرة جداً و طبقة غنية جداً وليس هناك من طبقة وسطى لتحرك العجلة الاقتصادية في البلد والتي بفضلها يصبح هناك عملية طلب على السلع والخدمات .

ويقول الدكتور علي هناك معيار آخر لزيادة الحد الأدنى للأجور وهو نسبة غلاء المعيشة وهي تحدد من قبل الدولة ، وهذه النسبة حددت سنة 1997 ثم قاموا بالزيادة في 2006 و 2007 وآخرها 2011 وهي زيادة على غلاء المعيشة (يعني الحد الأدنى للأجور مرتبط بغلاء المعيشة ) والأخطر أن الايجارت القديمة قبل 1992 مرتبطة بزيادة الأجور .

لا فائدة ( بيعطوا بيد وبياخدوا باليد الثانية ) .

 

أما في سؤاله عن سلسلة الرتب والرواتب التي يمكن أن تحرك العجلة الاقتصادية وادعاء أهل السياسة أنها تسبب عجز في الموازنة ، في حين أن العجز الحقيقي هو مداخيلهم ؟ .

قال الدكتور علي السنكري السياسيين جميعهم يتحملون الجزء الأكبر من المشاكل المالية في البلد ،

 أما رواتبهم فهي جزء من المشكلة و ليست كلها ، المشكلة هي السرقة (لن نلطف الواقع بكلمة هدر) ، يجب أن تتوقف السرقة الحاصلة في  القطاع العام و إدارات الدولة من أغلبية الفاسدين ، أما المشكلة الثانية فهو الدين العام ( الكتير عالي ) ، الدين العام يكلف " كلفة الدين " وهي الفائدة عليه والدولة اللبنانية تتحمل فائدة ضخمة جداً فالدين الآن في لبنان 66 مليار دولار ، هذا الدين ليس على عاتق السياسيين على عاتق اللبنانيين جميعاً ، لذا يجب معالجة الموضوع بكل جذوره .

ليس رواتب السياسيين هو الأساس ولكن هناك السرقة والفائدة على الدين والعديد من الأمور .

أما في موضوع الحل ، فقال على الدولة اللبنانية أن تخفض مصروفها عوضاً عن زيادة الدين  .

والضحية من كل هذه المشاكل هو الطبقة الوسطى (الغير موجودة أيضاً) التي إن أعطوها الزيادة سوف يقومون بالمقابل بزيادة الـtva  و زيادة الضرائب وزيادة أسعار المحروقات (بنزين ... ) وأمور عديدة ، بالمقابل الدولة اللبنانية لديها أملاك بحرية لا تستثمرها هذه الأملاك ملك الدولة وليست ملك خاص (مستوليين عليها) ، هناك البنزين ، المازوت ، النفط ، هناك أراضي في بيروت وفي عدة مناطق ، كل هذه بإمكانها أن تؤمن مداخيل لتدفع للطبقة المتوسطة .

كذلك هناك البترول (وهو ملك الشعب) وهناك اختلاف حوله ومماطلة في استخراجه ، هذا البترول هو من حق الشعب فقط ولا يحق للسياسيين أن يتقساموه فيما بينهم .

الحل الحقيقي في التفتيش عن مصادر صحيحة لتمويل السلسلة منها اقتطاع من رواتب النواب والوزراء ( يضحوا شوي معليش) .

وفضلاً عن النفط وايقاف السرقة وتخفيض الفائدة وهذه الحلول تساعد على نهوض الاقتصاد ونشوء الطبقة الوسطى ، هناك القطاع السياحي وتشجيعه بتوفير مناخ سياسي أمني ، فالسياحة تساعد على تدفق الأموال .

كما هناك أيضاً عامل تشجيع المغتربين على الاستثمار في لبنان مما يؤمن فرص عمل ويؤدي إلى حركة اقتصادية أمنية غير أن المناخ الأمني السياسي ( ويتحمل مسؤوليته كل السياسيين ) يجعل رأس المال جبان وحذر .

إذا ، السياحة إلى جانب الاستثمار يساعدان على خلق فرص عمل للطبقة الوسطى ( فيجمع العامل بين عملين حتى يسد حاجاته ويحيا حياة كريمة )

 

 

 

وفي حوار أيضاً مع غيث عبد الله دندشي طالب سنة ثالثة تمويل مؤسسات وبنوك ، ففي سؤاله إن كان قد سبق له العمل وعن رأيه في الاجور أجاب غيث : ( أنا كنت إشتغل مساعد معلن كهرباء 8 ساعات باليوم تعتير ومعاش 14$ بالنهار بدك تشيلي أجار الطريق والأكل من المعاش وإشتغلت بشركتtruct computers معاشي 600 مساعد صيانة) .

أما عن رواتب السياسيين فكان تعليقه : " معاشات النواب والوزراء شي وبوند البانزين ومعاشات الضباط وغيرهم من موظفين الدولة شي تاني ، يعني ما معقول مواطن درجة أولى ومواطن ما معترف في ولا بيتقدملو أي شي ببلده " .

أما عن الحل من وجهة نظره فقال : " الحل سهل يكون في إتفاق على توزيع الأموال الفائضة من المعاشات بمشاريع تنمية لمصانع مثلا وسكة حديد ...وقطاعات حكومية جديدة ، فينا نشوف الغرب ونقلد مثل العادة ، إذا دستورنا ما نحنا كتبنا وقفت على طرق التنمية ،وبالتالي نشوء وظائف جديدة لعدد أكبر ومعاشات ضمن المنطق وتنمية بنفس الوقت.

أما عن المسؤولية حسب رأيه فيتحملها الشعب ، ليضيف : " ما شي جديد أنو معاشاتهم فوق المعقول ، بس بدها مين يطالب تتغير هيدي المعاشات وتكون ضمن المنطق ، هن مبسوطين وبسكتو الشعب ب100 ألف ليرة وقت الإنتخابات وكم كرت تلفون وبيحكو بالديموقراطية وكل واحد بيتغنى بكم شعار وطني ونحن منصدق ما الحق عالسياسيين الحق عالشعب يلي ما عم يطلع يتظاهر ويعترض عالواقع " .

وفي موضوع السلسلة كان رأيه : " أما السلسلة فهي وسيلة ضغط وبالتالي أكيد حيمطمطو فيها كرمال يلاقو وسائل تمويل غير معاشاتهم بدك وسائل ضغط وعدد كبير ينزل يتظاهر ويطالب مش بس بالسلسلة ، يكون في دراسة من قبل المتعلمين تحدد سبل تمويل السلسلة ما ننتظرهم ، بيعملو عجز وبحطو الحق عالسلسلة بالوقت يلي فينا نمول السلسلة بيوم وليلة من خلال وضع حد للسرقة والفساد من معاشات لموظفين ما بتداوم ، وأجارات مباني وأراضي غير مستعملة والمدعوم يلي ما بيدفع لا كهرباء ولا ماء ولا ضرائب وغير كتير حدث ولا حرج ، لبنان بيقدر يمول 10 أضعاف السلسلة إذا في مين يطلع ويفضح الفساد الموجود "

وأشار غيث إلى  أرض الاوزاعي والتي استأجرتها إدارة نادي الغولف اللبناني عام 1963  بـ 1100 ليرة سنوياً لمدة 15 سنة ( والخمسة عشر صاروا سنين وسنين)، ومساحتها أكثر من 300 ألف متر مربع  في نصف العاصمة، هي لوحدها قادرة  لو استثمرتها الدولة على تمويل السلسلة .

 

وفي سؤال لموقع لبنان الجديد لعدد من العاملين بأجور محددة :

علي (موظف أمن ) يعمل منذ خمس سنوات ومعاشه مليون ليرة ، أما إن كان يكفيه ( بيضحك وبيقول اكيد لا ، قبل نص الشهر بيخلصه )

وعن رأيه في معاشات النواب الخيالية ، يبتسم ويقول (هن غير نحن هن نواب ونحن شعب ) .

 

أما ربيع (23 عاماً) موظف منذ سنتين ومعاشه 500 ألف ، يقول ( بعد أسبوع بطير لا فيي اسس عيلة ولا أمن مستقبل )

أما عن رواتب السياسيين يعلق (ناس بسمنة وناس بزيت ) .

محمد (30 عاما) شيف أما راتبه فهو 950  ألف ، متزوج من غير أولاد ، محمد يقول أن راتبه لوحده لا يكفي وأنه حتى مع راتب زوجته (ما بيكفي ، بس هيدا لبنان وماشي الحال وعايشين ) .

بإختصار هذا هو الواقع الاقتصادي الهش ، ففي غياب الدولة والسياسات الاقتصادية ، وفي عدم القيام بدراسة دقيقة لتصحيح الرواتب ، وفي ظل " السياسي عايش واخر همو " لا يسعنا إلا أن نقول " الله يكون بعون الشعب الي اكلها " .