الحرب الأهلية أو حرب البوسطة ( عين الرمانة) ، حرب الـ 15 عاماً وسبعة أشهر ، حرب الأقليات والأكثريات ، حرب الطائفية والمذهبية والمناطقية ، حرب على الدولة وجيشها وحرب مع الدولة وجيشها ...

حرب التبعيات ، حرب الأشقاء ؟؟؟

كل هذا وأكثر حملته الحرب الأهلية اللبنانية ...

فالحرب الأهلية لم تكن حرباً واحدة بل كانت في مضمونها عدة حروب وعلى جبهات مختلفة نذكر منها ( معارك توحيد البندقية ، معركة زحلة ،  حرب الجبل ، سحق المرابطين ، حرب العلم ، حرب الستة ايام ، حرب الأخوة ، حرب الإلغاء .... )

يضاف إليها الاجتياح الاسرائيلي ومجازره .

 

وصحيح أن البوسطة حملت وزر بداية الحرب الأهلية غير أن استشهاد معروف سعد في 26 شباط 1975 في تظاهرة كان هو الشعلة الحقيقية للحرب السوداء .

 

ولكن مهما كانت البداية ، ودون الخوض بتفاصيل حرب دموية أثقلت لبنان وتاريخه  ، لنتساءل : هل تعلمنا من الحرب ؟ هل انتهت قصة " البوسطة" و " المخيمات " ، وهل استطاع الطائف أن يقلنا فعلا لبر الأمان !

 

لبنان لم يخرج من شبح الحروب الأهلية وإنما دخل في هدنة لمحو آثار الدماء عن رموز الحرب الثابتين  في مواقع السلطة تحت مسميات حزبية !

فحروب طرابلس ( جبل "علوي" – تبانة "سني " ) كانت حرب أهلية .

ودخول حزب الله على طريق الجديدة في 7 ايار بالسلاح كان حرباً أهلية ؟؟

وحروب المخيمات من فتح الإسلام في نهر البادر الذي استهدف أزلامه الجيش اللبناني لتكن المعركة والمناوشات المستمرة بين الجيش والفلسطينيين في عين الحلوة .

هي من رماد الحرب الأهلية !

وأحداث عبرا ( الأسير / حزب الله ) والفتنة السنية الشيعية الموجودة والتي قابلة للانفجار في أي لحظة هي حرب أهلية .

 

الهجوم على الجيش من اللبنانيين واستهدافه كلاماً وفعلاً سواء شمالاً أو جنوباً ، هو حرب أهلية .

داعش والنصرة الذين صدروا إلينا و (تلبننوا ) هم شعل حرب أهلية طائفية لما رافقهم من فورة شعبية و مس بالمقدسات الاسلامية والمسيحية .

 

فعلياً ، نحن لم ننته من الحرب الأهلية ، فقادة الميليشيات التي قتلت وذبحت وفظعت ، ما زالت حاضرة ، وقائد الجيش الذي ترك جيشه وفرَ عاد إلى الواجهة .

 

وليس السبب وحده في استمرارنا تحت رحمة حروب متعاقبة هو ارتهاننا لقادة الميليشيات (الحزبية) ، ولكن هناك سبب آخر في استمرار الوضع المتزعزع بعد انتهاء الحرب الأهلية وهو " اتفاق الطائف " ، فهذا الاتفاق الذي أخرجنا من حرب طويلة حكمنا بطائفية الكراسي ، لتصبح حروب الهيمنة والمحاصصة السياسية قائمة على أساس مذهبي بحت ، فالزعيم لأجل كرسيه يحمل لواء أتباعه من ذات الدين وينادي بحقوقهم ( المسيحيين يريدون حق الأقليات ، الشيعة يريدون وزارات تحمي مصالحهم مع ايران والشام ، السنة يعتبرون أنفسهم مكسر عصا ويريدون سلطة أقوى وهم الأكثرية المحمية سعودياً ) .

كل يريد حقه بإسم طائفته ويريد كرسيه بخطابات مذهبية تحكمها التبعية .

كما أن هذا الاتفاق بقانون العفو الذي رافقه أعطى مكافأة لمجرمي الحرب التابعين للوصاية السورية وهي " مناصب سياسية رفيعة " .

ومن هذا المنطلق  أثبت هذا الاتفاق الفشل الذريع عقب الانسحاب السوري من الأراضي اللبنانية ، ففي حين كانت التعيينات من رئاسة الجمهورية لأصغر وزير تأتي من حافظ الأسد سابقاً وبعده بشار الأسد ، وكانت كوادر السلطة اللبنانية (موظفي دمشق) ينفذونها بطاعة و ولاء ، ظهر الضعف السياسي الحقيقي بعد الانسحاب ، فلم يتمكن لبنان السيد الحر المستقل من انتخاب رئيس ولا من وضع قانون انتخابي أو حتى تشكيل حكومة ، ليتفجر الوضع أمنياً ، ولتأتي الدوحة (مشكورة) باتفاقها مانحة الوضع المتأزم حبة مسكن لم يكن مفعولها طويل المدى ، فها نحن الآن في فراغ وتمديد عمره سنتين ويستمر !

 

لهيك وحتى ما تنعاد لازم يفلوا ؟؟ حتى ما تنعاد لازم نعدل ؟؟ حتى ما تنعاد ما بدنا قانون طائفي وبدنا دستور لبنان مش فرنسي (ملبنن) !

كوادر الحرب الدموية ما زالوا فئات الحكم  وما زالوا يمسكون زمام السلطة فالأيدي الميلشيوية من الكتائب  للتقدمي الاشتراكي  للشيوعي لحركة أمل لحزب الله ما زالت هي رأس السلطة ، نضيف إليها الجندي المنفي الذي عاد مبدلاً مبادئه مؤسساً تياره الوطني الحر ، وقائد القوات الخارج من سجن رومية .

هؤلاء وجودهم في المعترك السياسي هو ما يجعلنا تحت رحمة عودة الحرب إذ لم يتعلموا من أخطاء الماضي فالتاريخ في لبنان يكرر نفسه ومع الأشخاص عينهم ، أما الحل فـ ( يفلوا) ، ومما يزيد الطين بلة في سياسي لبنان اعتمادهم مبدأ ( الوراثة السياسية ) فإن لم نرتهن لرأس الميليشيا الملطخ بدم الحرب  نرتهن لابنه وقريبه ، وكأن لبنان مزرعتهم الخاصة .

من جهة أخرى لا بد من قانون جديد يقره دستور لبناني عوضاً عن الطائف (الي خلصت مدته ) قانون يخرج لبنان من الطائفية والمذهبية إلى حكم الشعب ، فيصل من يصل بشرط الاستحقاق لا بشروط الدين والمذهب !

 

 

أما عن القضايا الانسانية العالقة منذ الحرب الأهلية هناك ملف المفقودين ، والذين ما عُرف مصيرهم ليظل ملفهم في أدراج الدولة المهملة ، سبعة عشر ألف مفقود خلفته الحرب ، ومقابر جماعية لم يتم التعرف إلى جثثها ، ولعل التباطؤ والتقاعس عن هذا الأمر هو مخافة عودة صفة الإجرام لقادة الميلشيات الذين هم في مقدمة السلطة اللبنانية  .

ومع كل الحملات والمطالبات التي قام بها الأهالي لمعرفة مصير أبنائهم غير أن الصمت السياسي هو سيد الموقف .

 

وأما عن الضحايا فيقدر عدد ضحايا الحرب الأهلية اللبنانية بـ١٥٠ ألف قتيل و٣٠٠ ألف جريح ومعوق (هدر حقهم ) بسبب قانون العفو .

 يضاف إليهم هجرة أكثر من مليون نسمة في بلد كان عدد سكانه ٣ مليون نسمة .

في حين الخسائر المادية فاقت ال١٠٠ مليار دولار .

 

بإختصار البوسطة بعدا ماشية ، وعين الرمانة أصبحت كل لبنان ، والرصاصة ما زالت تطلق كل حين وحين من بندقيات السياسة ؟؟

 

لذا وفي 13 نيسان 2015 يا ليت لو كل الزعماء يرحلون حتى لا تعاد حرب الـ 75 !!