يوما بعد يوم يتوضح حجم الهوة السياسية بين مكونات المجتمع السياسي اللبناني, حيث تصر الأطراف السياسية على الإصطفاف الذي تريده بناء على معطياتها ومبادئها السياسية, وبناء على ما تفرضه الأحداث السياسية والأمنية الجارية في المنطقة, فبعد الخلافات الكبيرة التي ساقها الملف السوري وملف السلاح وملف المحكمة الدولية يأتي ملف اليمن ليشكل نقطة خلاف جديدة ولعلها الأقسى بين الأفرقاء اللبنانيين سيما الفريقين الأساسيين  حزب الله وتيار المستقبل, وقد صدرت في اليومين الماضيين مواقف سياسية حادة للطرفين تؤكد عمق هذه الخلافات بينهما بل وتكرسها أيضا وربما لأمد طويل وخصوصا ما يصدر منها على لسان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري أو خلال خطابات الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله, ويضاف إلى ذلك الحرب الإعلامية المستعرة بين الطرفين والتي باتت تشكل مدخلا صالحا لإعادة الإحتقان السياسي والمذهبي في البلاد .
إن الحرب المستعرة في المنطقة بين الجمهورية الاسلامية الايرانية والمملكة العربية السعودية والتوتر القائم في العلاقات بين هاتين الدولتين والذي بلغ أشده مع معركة عاصفة الحزم والمواقف منها سيبقي هذا الحوار مجردا من أبه مفاعيل من شأنها أن تقدم الحلول اللازمة ,
وأمام هذا الواقع يؤكد الطرفان على استمرار الحوار باعتباره الوسيلة الفضلى لتخفيف التوتر السياسي والمذهبي الأمر الذي يثير المزيد من التساؤلات عن جدوى هذا الحوار في ظل هذا الكم من التباين والتشنج السياسي بين الطرفين أضف إلى ذلك عمق الخلاف في الملفات السياسية محليا وعربيا .
وإن لم يستطع هذا الحوار أن يناقش في هذه الملفات الخلافية فما هي دواعي استمراره ؟ ولماذا الإصرار على الإستمرار في تخدير الرأي العام ؟ وخصوصا اذا ما بقيت المواقف والخلافات على حالها بل تزيدها التصريحات الإعلامية يوميا من قبل الطرفين ضراوة وتعقيدا.
 لقد بات هذا الحوار في نظر كثير من اللبنانيين وسيلة من وسائل اللعب التي يتقنها السياسيون اللبنانيون, وهو حوار لا طائل منه سوى مضيعة الوقت والتسلية وسوف لن يصل لأي نتيجة, وقد أصبح عبارة عن سهرة لم يعد يعلق عليها اللبنانيون أي أمل في معالجة قضاياهم ومشكلاتهم بل يعبّر عنها الكثير من اللبنانيين " بالمسخرة " التي يراد من خلالها القفز فوق المشكلات وربما تعميق الخلافات أكثر وتكريسها والاتفاق على عدم الاتفاق .
إن الاستمرار في هذا الحوار بالشكل الذي نراه هو إصرار على الإختباء من مواجهة المشاكل التي تعصف بالبلاد بجدية ووطنية وهو إمعان من قبل الطرفين في تكريس الخلافات بين اللبنانيين وإن عدم قدرة الطرفين على مناقشة الملفات الخلافية هو فشل ذريع لهذا الحوار وبالتالي لم يعد هناك مبررات لاستمراره بالشكل الذي هو عليه  .