كلما يحصل تطور جديد سياسي او عسكري في العالم العربي او على الصعيد الدولي تبدأ بعض الاوساط العربية بشن حملة قاسية ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية واتهام ايران بالوقوف وراء ما يجري والقول ان هناك مشروع ايراني يريد السيطرة على المنطقة، ويساعد هؤلاء في هذه الادعاءات التصريحات التي يطلقها بعض المسؤولين الايرانيين او بعض المحللين الايرانيين او الداعمين لايران من خلال الحديث عن قوة ايران وسيطرتها على عواصم المنطقة او من خلال الحديث عن انتصار محور المقاومة وفشل المحور المضاد.

ويشكل تزايد الدور الايراني في بعض الدول العربية مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن وعلاقتها بقوى المقاومة في لبنان وفلسطين دليلا يستخدمه المعادون لايران للتهجم عليها والقول انها تريد السيطرة على دول المنطقة واقامة هلال شيعي او محور ايراني. طبعا لا يمكن نفي وجود مشروع ايراني سياسي واستراتيجي في المنطقة وهذا الامر كان قائما قبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران ايام حكم الشاه البهلوي وبعد سقوطه.

ولا بد من الاشارة الى انه خلال حكم الشاه المدعوم اميركيا والمرتبط بعلاقة قوية مع الكيان الصهيوني والمشارك بقوة في قمع ثوار ظفار كانت ايران والدور الايراني يحظيان بدعم عربي وخصوصا من الدول التي تشن حربا على ايران اليوم مثل السعودية وحلفائها في حين ان معظم الشيعة العرب كانوا يعادون ايران الشاه ويدعمون الرئيس جمال عبد الناصر والقوى الناشطة ضد ايران وكانوا يدعمون قوى المقاومة في المنطقة.

واما بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران فقد بدأت الحملة على ايران تحت عنوان مقاومة مشروعها لتصدير الثورة وتم دعم حرب صدام حسين ضد ايران وتجييش كل المقولات المذهبية والقومية والتاريخية لشن حرب واسعة ضد ايران تحت عنوان مقاومة المشروع الصفوي او الفارسي او المجوسي.

ومجددا نقول انه لا يمكن تبرير الاخطاء التي يرتكبها بعض المسؤولين الايرانيين من خلال تصريحاتهم الاستفزازية ولا يمكن الدفاع عن كل ما تقوم به ايران في المنطقة لان بعض ما تقوم به قد يكون ناتجا عن حسابات ايرانية او من خلال منطق معين قد لا يقبله البعض وان كان بالمقابل لا يمكن تجاهل دور ايران في الدفاع عن قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وتقديم كل اشكال الدعم لها ، اضافة لدور ايران في الوقوف بوجه القوى المتطرفة والتي تشكل خطرا على الجميع.

لكن في مقابل كل هذه المعطيات : هل يمكن اعتبار ايران عدوا او صديقا للعرب؟

وهل المطلوب مواجهة ايران في المنطقة وشن حرب جديدة عليها تشبه الحرب التي شنها صدام حسين عام 1981 ونحن نعرف ما ادت اليه هذه الحرب؟ ام بالمقابل المطلوب الحوار مع ايران والبحث معها عن المصالح المشتركة كما تفعل تركيا وباكستان حاليا وكما تفعل اميركا والدول الكبرى من خلال المفاوضات النووية؟

لماذا لا نستفيد من التجربة التركية والباكستانية على صعيد العلاقة مع ايران فرغم كل التباينات السياسية فان العلاقة بين هذين البلدين وايران في افضل حالها.

ليس مهما ان كان البعض يعتبر ايران عدوا اوكان البعض يعتبرها صديقا ، لكن اليس الاجدى البحث عن المصالح المشتركة مع ايران والقيام بمفاوضات حقيقية لبحث كل الملفات الخلافية بدل شن تلك الحرب الاعلامية والسياسية والمذهبية.

وهل بالحرب على اليمن وبقتل الشعب اليمني نكون نواجه ايران وشعبها ام اننا ندمر دولة عربية اخرى ونقتل شعبا عربيا فقيرا؟.