كانت ثورة الضباط الأحرار في مصر ومن ثمّ دولة عبد الناصر في أولى ارهاصاتها تتطلع الى علاقات أكثر من دبلوماسية مع الولايات المتحدة الأمريكية ولكن واشنطن لم تهتم لرغبة المؤسسة العسكرية المصرية الأمر الذي أدار

الملاحة الدبلوماسية المصرية اتجاه الاتحاد السوفياتي آنذاك وبعد ذلك وبسنين من ثورية ناصرية سلبية بذلت المؤسسة العسكرية المصرية جهداً كبيراً كيّ تُحسن شروط التعاطي مع الولايات المتحدة لاعتمادها كدولة ذات حظوةأمريكية .

لم يكن حال البعث العراقي والسوري أفضل بكثير من حال الناصرية اذ أنه تماهى وذاب في سياسات الولايات المتحدة بعد أن اجتهد في ارضاء الادارة الأمريكية والعمل ضمن توجهها في الأمن والسياسة ويكفي للتدليل التذكير بالحرب

التي شنها صدّام حسين ضدّ ايران الثورة بدعوة صريحة من الولايات المتحدة وبترجيه لواشنطن بعد دخول الكويت وما ترتب على ذلك من نتائج للكف عنه وابقائه في السلطة تحت سقف الشروط الأمريكية .

مع الاشارة الى الدور السوري في لبنان كتنفيذ لمتطلبات الطائف الأمريكي – السعودي . والغريب أن أطراف الصراع مع الادارة الأمريكية هم من المجتهدين لتحسين شروط تعاطي واشنطن معهم تماماً كما فعلت الجمهورية الاسلامية الايرانية المستندة ثورتها الى عداء مُفرط مع أميركا حيث شيطنة واشنطن واعتبرتها أمّ الكفر الدولي وخاضت معها حروب عديدة بالوكالة وكان الملف النووي أحد الأخصام الحقيقين لواشنطن والذي أدّى في نهاية المطاف الى اتفاق أدخل ايران طوعيّاً في بيت الطاعة الأمريكي وأعطى الجمهورية الاسلامية فرصة أن تكون دولة معتمدة من قبل المجتمع الدولي للعب أدوار معدّة سلفاً لها من قبل الأجهزة الأمريكية المُختصة .

لقد تأسست الثورة الايرانية على أساس أن أميركا الشيطان الأكبر وتابع مؤسسها السيد الخميني نصوص الثورة القائلة الموت لأميركا ودفع الايرانيًون أثمان باهظة ايماناُ منهم بشعارات الثورة الايرانيّة وبعد سنين عجاف ها هي الثورة والدولة في ايران تعتمد واشنطن كضمان وصمام أمان لمصالحها وسياساتها في منطقة الشرق الأوسط .

لم يعد بمقدور الايراني تعميم قيم الثورة بالقدر الذي أتاحته له خصومة تبين بأنها غير جديّة وهذا ما سيحاصر ايران من قبل المنتسبين لها كتيّار ثوري وظيفته تحرير فلسطين ومقاومة الشياطين لا كتنظيم نفعي يبحث عن مصالح ضيقة ومخنوقة .

ان ايران ولدت كمعادية للادارة الأمريكية وضمّت تحت عباءتها شبكات تنظيمية متعددة معادية أيضاً لأمريكا وكأنها فعلت كل ذلك ايماناً منها بيوم كيوم أمس حيث باعت فيه ما اشتراه الأمريكيون منها لتصبح دولة خاضعة للنفوذ الدولي . من اليوم وصاعداُ تحن أمام مرحلة جديدة ستسقط معها الشعارات القديمة من أمثال أمريكا الشيطان الأكبر لتصبح في " الفارسية " أمريكا الملاك الأكبر