مؤتمر حركة أمل ليس مهمّاً طالما أنه يراوح مكانه ولم يلبس جديداً رغم الحاجة الملحة الى التجديد الداخلي لازالة عناصر الاستهلاك وتوفير ما يدفع الحركة كتنظيم الى عمل منتج خارج المذهبة الحادة والتي تضخمت صورتها في المراحل الأخيرة من عمر أمل الطائفي وبرزت مع الحرب السورية وسيادة الدور الفارسي في الوسط الشيعي اللبناني على وجه الخصوص وما أدّى ذلك الى غلو في الأحياء للشعائر وبطريقة جعلت من الحركة حركة متفرّغة لمزاولة الزيارات والتنقل بين المقامات واستحضار عاشوراء يوميّاً الى ساحات أمل وجعلها مناسبة مفتوحة وغير مقيدة بشهر محرم الحرام واحاطتها بالأيام الفاطمية والزينبية في مشهد مُقلّد تماماً لمشاهد حزب الله وفي التفاصيل كافة .

طبعاً مزاولة أمل للبعد المذهبي وبطريقة يومية محبط للذين راهنوا ويراهنون على حركة أمل كجهة وسطية لها خصوصيتها الطائفية الا أنها تتصل بالساحة الوطنية من موقع الالتزام بخيارات الدولة .

لقد ربح الرئيس نبيه بري قصب السبق لا في الرئاسة لحركة وفيّة له في السلم وفي الحروب بل في الرئاسة الوطنية رغم خسارته الفعلية لطائفة أنصفها في نصف ما هو متاح له ولكنها لم تنصفه في النصف الآخر بعد أن مالت كل الميل لسيطرة حزب الله القوّة المستحوذة على الجماعة لتسليم منها بحكم القويّ القابض على جمر الحقيقة .

ان الطائفة الشيعية لا تحتاج الى حركة مشغولة بالشعيرة المذهبية بالقدر الذي تحتاج فيه الى دور ريادي يعيد تصويب الأمور داخل الطائفة وخارجها لتصحيح المسار السياسي اللبناني بعد أن تدهور البلد وغرق في دماء الصراعات الداخلية وبات أسير تقرّحات الأزمات الخارجية وهذا الدور يعطي اللبنانيين فرصة جديدة لاعادة ترتيب أوضاعهم بطريقة لبنانيّة ولا أعتقد ان هناك من هو أمثل من أمل ليلعب دوراً في الوطنية الغائبة والمُغيبة خاصة وأنها تستند الى ميثاقها الداخلي والى نصوص المؤسس الامام السيد موسى الصدر والى تجربة الامام شمس الدين المماثلة لتأسيسات الصدر والى رئاسة الرئيس نبيه بري الاستثنائية والى أدوارها المتعددة في القتال من أجل الدولة منذ دولة فتح وقيام الاحتلال كمشروع مُدمرللبنانيين وما بعد ذلك من مخاضات عسيرة عصفت بلبنان وهزّت وجوده كاقليم مستقل وسيادي وحرّ .

وفي هذا الدور لأمل توفير لظروف ايجابية يتنفس من رئتها الجميع ومن بينهم حزب الله الذي لا يحتاج الى أمل مقلدة له بالقدر الذي يحتاج فيه الى حركة قادرة على فتح ثغرات في الاسمنتين السياسي والطائفي لتعزيز فرص الوحدة داخل السلطة وفي بنية المجتمع .

دائماّ يُحمّل الرئيس نبيه بري صليب لبنان لتخليص اللبنانيين من ورطات النزاعات ان في الملفات الداخلية الكثيرة أو في الحروب السورية والعراقية واليمنية لذلك تُوجب عليه رئاسته الاستثنائية الخروج من كهولة الموعظة الحسنة الى روح المبادرة النضالية بحكمته المتناهية والتي تفتقدها الطبقة السياسية المولودة حديثاً من رحم الهبوط الطوعي لمستوى المسؤولية السياسية في لبنان .