قد يكون من المبكر التكهن بما قد ستؤول إليه الأوضاع في اليمن بعد انطلاق عملية عاصفة الحزم وما قد تتركه من تداعيات على الوضع في المنطقه العربية. فالعملية انطلقت بقيادة المملكة العربية السعودية ومعها دول التعاون الخليجي ومعظم الدول العربية وبتأييد دولي واسع مستهدفة مراكز عسكرية ومواقع قيادية للحوثيين في اليمن بضربات جوية مكثفة وموجعة.

حيث شارك في هذه العملية ما يقارب من مائتي طائرة حربية مقاتلة تابعة لعشرة دول عربية حيث شاركت السعودية بأكثر من النصف. وقد جاءت هذه العملية العسكرية بعد فشل جميع المحاولات والجهود العربيه التي بذلت لدفع الأطراف اليمنية المتنازعة لاعتماد الحل السلمي والمشاركة في العملية السياسية للحؤول دون اللجوء للحل العسكري والتورط بحروب أهلية قد تأخذ طابعا مذهبيا وقبليا.

فمن الواضح ان عملية عاصفة الحزم جاءت ردا على تمدد الحوثيين المدعومين من إيران داخل الأراضي اليمنية واحتلالهم لمعظم المحافظات والمدن فيها انطلاقا من العاصمة صنعاء في الشمال وصولا إلى عدن في الجنوب وسيطرتهم على أغلب المراكز الحكومية الشرعية بما في ذلك القصر الرئاسي لدرجة تمكنوا معها من وضع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي ومعه رئيس الحكومة وبعض الوزراء تحت الإقامة الجبرية لعدة ايام تمكن بعدها الرئيس هادي من الانتقال متخفيا إلى اليمن الجنوبي.

وقد أجمع المراقبون على ان الحوثيين زحفوا باتجاه عدن في الجنوب وبدعم إيراني لمتابعة مشروعهم بابتلاع معظم المناطق اليمنية والسيطرة على باب المندب وهو المعبر البحري الذي يتميز بموقع استراتيجي بالغ الأهمية ويعطيهم قوة كبيرة عبر تحكمهم بخطوط الإمداد البحري النفطي.

الأمر الذي استدعى توجيه إنذار من قبل وزير الدفاع السعودي صباح الأربعاء الماضي للحوثيين حذرهم من مغبة مواصلة هجومهم على عدن وباقي أراضي اليمن الجنوبي لكنهم استمروا بالهجوم لتبدأ فجر الخميس عملية عاصفة الحزم ألتي تحظى بتأييد مجلس الأمن والمجتمع الدولي بعدما مضى الحوثيون ومن ورائهم إيران في الانقلاب على الشرعية اليمنية في محاولة لفرض معادلة جديدة للأمن الاقليمي واستكمالا لما كانت قد أعلنته طهران في غير مناسبة وعلى لسان أكثر من مسؤول إيراني على أنها باتت تسيطر على أربع عواصم عربية صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت.

لا شك ان اليمن بعد عاصفة الحزم هو غيره قبلها والعملية لا ترخي بظلالها على اليمن فقط بل سيكون لها تداعيات على كامل منطقة الشرق الأوسط. فهي بالتأكيد ستضع حدا لغطرسة الحوثيين وستعيدهم الى حجمهم الطبيعي ضمن اي تفاهم سياسي متوقع وبالتالى فإن هذه العملية هي رسالة استباقية لأيران فيما لو عمدت إلى توظيف ملفها النووي في مزيد من الانخراط في توسيع نفوذها في المنطقه بعد إنجاز الاتفاق على هذا الملف مع الولايات المتحدة الأميركية والمتوقع نهاية الشهر الجاري.

وعليه لم يعد مستغربا تعليق وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على عملية عاصفة الحزم بدعوة جميع الأطراف اليمنية للعودة إلى المفاوضات للخروج من هذه الأزمة وهو ما كانت ترفضه طهران والحوثيين سابقا.