في ظل الخوف والشرذمة ومحاولة التحكُّم بالقرار، ومنعاً لأي اعتراض أو تشكيل حالة اعتراضية بوجه القبضة الحديدية الممارسة من قِبَل قوى الأمر الواقع، قامت قوى الممانعة بالالتفاف والتخفي تضليلاً للرأي العام بدعم وجوه وحركات وتيارات في الجنوب، على مبدأ (إنما نقاتلك كرهاً منِّا لأبيك) وليس غريباً على تلك القوى الممانعة "الخوف"، حيث عمِلَت على تسهيل الدعم وتسهيل التحرك لتيارٍ سياسي جديد هدفه شق الحالة الأقوى في الجنوب بعد قوة تحالف (أمل وحزب الله) وهي الحالة الأسعدية المتأصلة تاريخاً وجذوراً وامتداداً وذلك سراً وفي الخفاء، بهدف إيهام الرأي العام أن الاعتراض موجود، وهي لعبة خوفٍ ذكيّة وذاتُ هدفين:

الأول: تضليل الرأي العام بأن هناك مساحة للأعتراض الثاني: تفتيت وشرذمة معاقل القوة التي تخيفهم يوماً ما.

وعلى هذا المنوال، نشأت جهة سياسية تحمل اسم "التيار الأسعدي" مدعياً ذاك التيار أنه يحمل أفكار الرئيس الراحل كامل الأسعد والذي ينتمي الى تاريخ جبل عامل بالأرث الشيعي والمواقف الوطنية، والتي تعرفها القوى المسماة "الممانعة"، والتي تُحاول جاهدةً طمس تاريخ آل الأسعد الزاخر بالمواقف الوطنية وبعدم الرضوخ لأي احتلال أو اعتداء على لبنان وبعدم الرضوخ أيضاً للوصي السوري في حقبة الفترة اللعينة على لبنان، حيث قامت تلك القوى (أمل وحزب الله) بتسهيل ودعم ذاك التيار وسهِّلوا تشريعه وتسميته، وأوعزوا الى عناصرهم بوجوب عدم الأعتراض عليه في جولاته ولقاءاته، على اعتبار أنه يُشكِّل حالة إنقسامية في الحالة الأسعدية التي ينطق بها ويتبناها نجل الرئيس كامل الأسعد الأستاذ "احمد الأسعد".

فالتيار الناشئ يتم تسهيل أموره الخدماتية في السلطة وفي التحرك والخدمات، خصوصاً من موقع من يترأسه حالياً "معن الأسعد" وهو محامٍ في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، والذي كما يبدو تُقدَّم له الهدايا عبر اطلاق موقوفين أو محكومين أو تنظيف سجلات أصحاب القضايا.

ومن هنا، نرى وبكل بساطة أنه يتباهى بأخذ صورة فوتوغرافية مع نواب ومسؤولين من كتلتي " وفاء" و "تحرير" بهدف اضفاء جواً من الراحة على تحركاته وجولاته ومناسباته، وفي الوقت عينه يتباهى بتحركاته الميدانية جنوباً على اعتبار انه تيار وسطي، متناسياً أن الرئيس الراحل كامل الأسعد لم يكن ليقبل بمن فعل أو حاول أن يلصق به أقوالاً وأفعالاً هو منها براء. وهناك من يتسائل: كيف يرضى انسان يدعي أنه يحمل أفكار الرئيس كامل الأسعد أن يأخذ صورة ويتباهى بها مع أحدٍ تابع لجهة لم تكن يوماً بحب الأسعد؟

وهناك من يقول: أن الصغار لا يمكن أن تحمل لواء الكبار. بكل الأحول فإن الرئيس الراحل كامل الأسعد كان صاحب موقف ورأي ورجل دولة بكل ما للكلمة من معنى سواءٌ اعترف خصومه بذلك أم لم يعترفوا.

واليكم نروي حادثة حصلت ، أو فعلها الراحل الأسعد إبان ترأسه للمجلس النيابي في عهد الرئيس جمال عبد الناصر حيث كان من المعروف، أن أقصى طموح لأي شخصٍ يريدُ أن يترأس أو يتم توزيره، أو النجاح في النيابه أن يأخذ صورةً بجانب الرئيس جمال عبد الناصر. وفي تلك الفترة، قام الرئيس كامل الأسعد بزيارة رسمية على رأس وفد نيابي ووزاري وبعض المسؤولين في الدولة بزيارةٍ الى القاهرة لمقابلة الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فحصل الأجتماع بين الأسعد وعبد الناصر لمدة أكثر من ساعة، وبعد الإنتهاء، خرج الرئيس الأسعد دون التوقف عند مدخل القصر الرئاسي لأخذ صورة بجانب عبد الناصر واستمر سيراً باتجاه سيارته دون أخذ صورة مع عبد الناصر، فناداه الرئيس جمال عبد الناصر قائلاً له:

ألا تُريدُ أن تأخذ معي صورة؟ فأجابه الرئيس كامل الأسعد : أنا ما بحتاجها، بس اذا أنت بتعوزها ما عندي مشكلة. ان هذا الموقف ولا شك مشرِّف ورهيب وترفع له القبعة اذا ما قارناه بسياسي هذا اليوم، حيث احترم الرئيس الأسعد نفسه ومركزه ودولته وشعبه، لتكون أربع اجابات على سؤال واحد على مبدأ السؤال: وما تلك بيمينك يا موسى ؟

قال: تلك عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي وليَّ فيها مآرب أخرى. وعليه فأن كل الذي يحصل أو يتم تسهيله لتلك التيار هو لإهانة مواقف الرئيس الأسعد وطمس مواقفه عبر من يدعي أنه يحمل لواءه، بِفِعلٍ عكسي لتاريخه العظيم. فمتى نعي ذلك؟

وفي السياق، لا بد من استعارة عبارة لأنطون سعادة " الحياة وقفة عز، وقفة عزٍ فقط " وللقاصي والداني أن يعرف أن الرئيس الأسعد كان الرقم الصعب في المعادلة الأصعب، حيث فَضَّل أن يبقى زعيماً في منزله، على أن يصبح عميلاً وخائناً تحت حكم الضابط السوري "كنعان أو رستم " أيام الوصاية وأيام التأثير الحالي. ومعروف ايضاً أن الرئيس الأسعد قال لنائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام أثناء زيارة الأخير له في مكتبه: إذهب وابعث رئيسك ليتكلم معي.

وله موقف آخر مع الشخص نفسه في تلك الحقبة عندما جاءه خدام الى مكتبه حيث قال له: عندما تدخل مكتب كامل الأسعد عليك اقفال زر الجاكيت فللمتعمشقين على تاريخ الراحل كامل الأسعد أن يأخذوا الدروس قبل التسلُّق سلُّماً صعب الصعود، ولن نقوم بمقارنةً اليوم بين من احترم شعبه ومركزه ودولته باحترامه لنفسه، وبين من أهان شعبه ومركزه ودولته بإهانته لنفسه، عندما كان يرتشي ويرشي ويزحف وما زال أما ضابطٍ من وصاية القهر على لبنان وشعبه. كامل الأسعد موقف واحترام

كاظم عليان