في مثل هذه الأيام كتب أطفال درعا على حيطان بيوتهم فليسقط بشار الأسد الأمر الذي دفع محافظ درعا الى حبس الأطفال بعد اقتلاع أظافرهم من لحم أصابعهم واستنكراً لفعل المحافظ الشنيع قام وفد من مشايخ المحافظة بزيارة دار المحافظ للمطالبة بالافراج عن الأطفال المسجونين وبدل الترحيب بالوافدين من وجهاء القوم قام المحافظ البعثي بشتمهم وتهديدهم وقد وصل سبُ الوفد لسيادة الرئيس فهنأ المحافظ على اخلاصه للبلد حتى لا تتكرر مثل هذه الأعمال المخلة بالأمن القومي وبمسألة الصراع العربي – الاسرائيلي .

آنذاك لم يقدّر سيادة الرئيس ما هو قادم من موج بشري هادر لذا اختار كعادته استعمال العصا الغليظة بحق فقراء لا يعرفون بماذا يهتفون ولماذا ؟

من قصّة الأطفال الى مشايخ العشائر في درعا كانت ضحكات بشار الأسد تلامس حدّ السيف المشهور على بسطاء المحافظة في درعا من قبل المحافظ الذي منح الربيع السوري ولادته المطلوبة لقيام ثورة مساوقة لثورات الربيع العربي وهاتفة بالشعارات التي ابتكرتها لتصحيح المسار السياسي السلطوي والذي أوصل البلاد والعباد الى أزمة مسدودة الحلول .

خطأ المستبد أوصل سورية الى ماهي عليه اليوم من دمار وخراب وعنف يستحيل معه الموت الى متعة مغرية للقاتلين والمقتولين على حدّ سواء .. وأبرز الصراع في سورية كتصفية حسابات طائفية وجعل من الحرب حرباً تتجاوز امكانيّات السوريين وساحة لتحسين شروط دول اقليمية تسعى الى اكتساب قوّة تضعها في خدمة مصالحها الاستراتيجية في منطقة لا تحتاج الى ضعفاء وفخاً لاصطياد الجميع لتكون النتائج لصالح المصالح الأمريكية والأمن الاسرائيلي . بعد سنوات من القتل والدمار والتهجير وضياع الفرص لبقاء الدولة كشكل واطار سوري يساعد على تأسيس سورية جديدة باتت سورية مخاض طويل لحروب شرسة تُستحضر فيها كل الأسباب الجاعلة للأزمة أزمة غير قادرة على اجتراح حلول ممكنة لاراحة السوريين واخراجهم من مدافع الحروب فمن الطائفية

الى الأقليات الى الارهاب بعد سيل من الشعارات المماثلة من جبهة التصدي والصمود الى الممانعة والمقاومة وما الى ذلك من عنتريّات واهية ووهمية صدّعت من واقع السلطة في سورية وجعلتها مرجعاً غير صالح في ادارة البلاد لأنها لم تتمكن حتى من تثبيت نفسها كدور فاعل ومؤثر في الحرب لأن النظام في نظر الداخل والخارج مجرد مجرم حرب وظيفته ارتكاب المجازر ودون أن يكون له رأيّ يذكر في مجال البحث عن مخارج للأزمة وباتت تأثيراته في هذا الباب مغلق تماماً لأن قرار سورية لم يعد بيد السوريين .

ماذا ينتظر سورية بعد؟

طالما أن النظام ومن معه غير قادر على وضع حد للحرب والعودة الى الأيام الخوالي وطالما أن المعارضة ومن معها غير قادرة على الانتصار على بقايا النظام وطالما أن المجتمع الدولي لن يفعل ما فعله للعراق من الاحتشاد ضدّ داعش والارهاب في تكريت والموصل ومحافظات أخرى.. يبدو أن الاستحالة السورية صنيعة السوريين أنفسهم والدول المستثمرة في الحرب السورية والدماء السورية لتحقيق أهداف بحجم المصالح التي تسعى اليها هذه الدول ويبدو أن التفاهم الامريكي – الايراني لن يحل المشكلة السورية كما يروج المتفائلون من التفاهم لأن المتضررين من العلاقات الأمريكية – الايرانية سيسعون الى

مواجهة نتائج هذه العلاقات وسورية المدخل المفتوح على هذه المواجهة التي ستكون أشرس بكثير مما هي عليه اليوم .

لذا ثمّة استحضار كبير للاستحقاق الأمريكي – الايراني وهذه المرّة ستحتشد دول وتيّارات التطرف لكسب معركة مطلوبة خاصة وأن نتنياهو قد عاد من جديد كمتطرف ليتقاطع مع التطرف العربي في خندق المواجهة وسورية تملك كل الظروف والأسباب الموضوعية لاستقبال المزيد من المتطوعين للحرب فيها