قرر القوميّون والبعثيّون في  العام 1964 تطبيق الشريعة في الشيوعيين المسجونين في سجون العراق وطلبوا من ضابط في الجيش اسمه عبد الغني الراوي تنفيذ حكم الاعدام بالرصاص ولأنه كان متديناً اشترط لتنفيذ أمر القتل استفتاء مراجع عراقية سنيّة وشيعيّة للحصول على فتوى تطمئن قلبه في عملية تصفية جماعية لمسجونين كل ذنبهم أنهم معارضون للبعث وتقضي بهدر دماء الالاف منهم وقد طُلب من الشيخ طه جابر العلواني- الراوي لهذه القصة في كتابه " لا اكراه في الدين " – قبل تنفيذ الاعدام بحق الشيوعيين الذين ينتمون الى طوائف العراق المختلفة الايجاز لهم بقتل لكنه رفض ذلك واعتبر أن استفتاءه في قتل مسجونين شيوعين بمثابة الهزة التي آثّرت على حياته ودفعته الى كتابة كتابه المذكور والذي ذكر فيه كيف جاء اليه  الضابط عبد الغني الراوي أحد قادة انقلاب شباط من القوميين والمكلف بتنفيذ القتل الجماعي وباعطاء الاموال للجنود الذين يطلقون النار على المسجونين .

وبما أن الضابط الراوي كان متديناً عروبيّاً وغير بعثي ويأخذ على الشيوعيين قولهم بالاتحاد العربي لا بالوحدة العربية طلب أخذ فتاوى من زعماء المذهبين السني والشيعي وحصل على فتوى  بقتل الشيوعيين من مفتي بغداد السني نجم الدين الواعظ ومن الشيخ الشيعي محمد مهدي الخالصي ومن المرجع الأكبر الشيعي السيد محسن الحكيم وقد اشترط السيّد الحكيم التأكد من عدم اشتباه هؤلاء في انتمائهم أو انخداعهم في ذلك ...أما الشيخان الخالصي والواعظ فقد أفتيا بوجوب قتلهم جميعاً وبدون تحفظ أو قيد أو شرط .

حاول الضابط المؤمن والمؤتمن على تنفيذ حكم الاعدام أن يجعل الفتاوى بالمناصفة أي اثنان من فقهاء الشيعة واثنان من فقهاء السنة وقد طلب الفتوى السنية الثانية من الشيخ العلواني الذي اعتذر له وقال من باب السخرية : بماذا ستنفع فتوى امام مسجد صغير ؟ ولكن ثقة الضابط بعلم الشيخ العلواني دفعته الى معرفة رأيه ليقطع الشك باليقين خاصة وأن الأمر يتعلق باعدام الالاف من العراقيين فألح عليه لمعرفة رأيه وفعلاً بين الشيخ العلواني سبب رفضه قائلاً للراوي : انها قضية سياسية لا علاقة للاسلام بها وأن تحمس البعثيين لهذا القتل يتعلق بخلاف سياسي لا ديني فلماذا يزج الدين في السياسة ؟ وأضاف : أن هذا حرام شرعاً وهل تستطيع أنت ايقاف عملية الاعدام وقد اتخذتم سائر الاجراءات اللازمة لذلك ؟ فأجابه الراوي : لا فانهم يستطيعون اجباري على هذه المهمة ان أنا رفضت .

وتعد الفتاوى التي حصل عليها الراوي من المفتي السني والمرجعين الشيعيين من أخطر الفتاوى التي تورط فيها علماء الدين والتي أسست لفتاوى حصدت وتحصد بحياة الالاف من البشر في العراق وغيره لهذا بتُ أشعر برقّة دم وسماحة الخليفة البغدادي الذي يفتي بذبح أفراد لا باعدام الالاف كما هو حال المسجونين الشيوعين الذين لا يعرفون ماركس ولا كتبه وانما قادهم بؤسهم الاجتماعي الى النضال داخل الاطار الشيوعي لتحسين شروطهم الاجتماعية .

رحم الله القصّاب أبي بكر الذي يذبح بحدود وقدر وبفتي بحدود ما يُلزم جماعته المحدودة وهو في نظر عقلاء المسلمين مجرد مخبول ومجنون ولا صلة له بالاسلام ومجرم حرب ومعتد وباغ ولا نجدّ عاقلاً في مشارق الأرض ومغاربها يمنح البغدادي صفة من صفات الله والانسان وترحُمُنا عليه من باب السخرية على من يفتي ولفتواه فعل يطال عامة المسلمين وهو بمنزلة هارون من موسى