بينما تقترب المفاوضات النووية بين إيران والدول الست الكبرى إلى نهاياتها السعيدة، برزت التقاء المصالح بين الجمهوريين الأمريكيين والإسلاميين (المحافظين المتشددين) الإيرانيين، أكثر من أي وقت مضى، وهذا ما أثار استغراب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بعد أن وجّه 47 نائبا من مجلس الشيوخ الأمريكي رسالة مفتوحة إلى إيران، حذّروهم فيها من توقيع أي اتفاق مع الرئيس أوباما، وأن أي اتفاق معه ينقضي بانتهاء ولايته، وأن الكنغرس المقبل المتشكل من أكثرية جمهوريين، سيلغي الإتفاقية النووية، بحال إقرارها. وإذ أدان أوباما محاولة الجمهوريين هذه، من أجل إفشال الإتفاق مع إيران، استغرب من مدى تقارب الجمهوريين مع المحافظين في إيران، فإن من الطبيعي أن الجمهوريين لم

يوجهوا هذه الرسالة التحذيرية إلى حكومة الرئيس روحاني وفريقه في المفاوضات النووية، حيث أنهم ليس لديهم آذان مصغية لمثل هذه الهتافات التافهة، وأنهم جديون في إخراج البلد من المأزق الذي تركته الحكومة السابقة، وإنما خوطب بهذه الرسالة المحافظون المتشددون في إيران يختبئون مصالحهم الشخصية تحت شعار الصمود والاحتفاظ بحق التخصيب. هذه الرسالة إن دلت على شيئ فإنها تدل على خيبة أمل الجمهوريين ويأسهم من التأثير على الرئيس أوباما وردعه من توقيع الإتفاقية مع إيران، الذي يبدو قريباً جداً من خلال قرائن عدة وخاصة تلك الرسالة النصائحية! التي أرسلها 47 نائب جمهوري أمريكي. ورداً على تلك الرسالة صرح وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، بلهجة

تهكمية بأن الموقعين على هذه الرسالة لا يعرفون القانون الأمريكي، فضلاً عن أنهم جاهلون بالقانون الدولي الذي يُلزم الحكومات بإحترام جميع المواثيق والعهود والعقود الموقعة من قبل حكوماتهم السابقة. وأضاف ظريف بأن أغلبية العقود بين الولايات المتحدة وسائر البلدان، هي من العقود التنفيذية التي تقع بين الحكومات الأمريكية ودول أخرى وليس من قبيل تلك التي تقرها الكنغرس. وختاما يبقى مفعول محتمل لتلك الرسالة وهو أن يتخذها المحافظون المتشددون كذريعة للعرقلة في مسار المفاوضات وتيئيس إدارة الرئيس روحاني من جدوى الاستمرار في المفاوضات مع الدول الست، لأن المحافظين المتشددين هم الوحيدون الذين ربحوا من العقوبات الناتجة من المشروع النووي التي دمرت

الاقتصاد الإيراني ولكنها عمّرت حياتهم الاقتصادية. يبقى أن المصلحة المشتركة لدى الجمهوريين الأمريكيين و الإسلاميين المتشددين الإيرانيين تكمن في أنهم يرون في نجاح الرئيسين أوباما وروحاني في إنجاز الإتفاق النووي مكسباً نوعياً للديمقراطيين والإصلاحيين، مما يضرّ بمستقبل الجمهوريين في الولايات المتحدة والمحافظين في إيران.