جهد التيّار الوطني الحرّ في تضييق مساحات الاختلاف مع أطراف 14 آذار لعلّ الرئاسة تصبح بمتناول يدّ الجنرال الذي ينتهز الفرصة الأخيرة الممكنة رغم استحالتها وجاء حوار حزب الله – المستقبل كدعوة مفتوحة للبنانيين المختلفين على السلطة والمحاصصة من مواقع الاصطفاف خلف محاور اقليمية تصطرع طلباً للسطوة والسيطرة والتحكم بسياسات الشرق الأوسط . من هنا تنادى الخصمان المارونيّان للتلاقي على ذمّة التوصل الى حل ينظم الخلاف بينهم ويوفر لهما فرص تعزيز الوجود المسيحي الذي بات مهدداً بعد أن دخل المسيحيّون كأطراف أو كضحايا في حربيّ سورية والعراق ويعطي بعضهما البعض الأدوار المطلوبة داخليّاً لتشجيع المسيحيين على التمسك بخياراتهما في مرحلة سقط فيها المسيحيّون ولم يعد لهم شأو في شيء من القوّة التي تمتعوا بها طيلة تاريخ لبنان السياسي .

يحتاج الجنرال الى علاقة مع القوّات من موقع الاختلاف الجذري أيّ أن التيّار لا يريد الغاء الخلاف مع عدوه المباشر بالقدر الذي يحتاج فيه الى رضا وتسليم برئاسة منقادة للجنرال على ضوء الظروف المائلة لصالحه اذ أن حزب الله هو الجهة التي تتيح للرئيس الوصول الى كرسيّ القصر وبدون موافقة الحزب يبقى كرسيّ الرئاسة شاغراً وبذلك تعطيل دستوري لموقع المشاركة المسيحية في السلطة وطالما أن حلفاء جعجع من الكتائب الى تيّار المستقبل غير قادرين على ايصال الحكيم الى القصر لأن الأول يراهن على وصول رئيسه في الوقت الصعب والثاني يقايض رئاسة الحكومة برئاسة الجمهورية تسهيلاً لعودة الحريري الى السلطة لذلك باتت حظوظ الجنرال المستحيل ممكنة على ضوء التسويات المعقودة داخليّاً وعلى ضوء التقارب الامريكي – الايراني الذي سيطال لبنان وتؤسس عليه حسابات سياسية جديدة قد تعطي الايراني رئاسة مسيحيّة مشخصة حاليّاً بالصديق الوفي ميشال عون .

في حين أن القوّات اللبنانيّة تصارع نفسها في بذل جهد كبير لامتصاص عداوة عدو لا يحتمل وامكانية التقارب معه دون جدوى الا أنها موضة مسيطرة على خشبة المسرح السياسي وكل يؤدي دوره التزاماً بمصالح شخصية وطائفية لذلك تتداعى أطراف الخلاف في لبنان الى مصالحات وهمية لاقناع أنفسهم بانتصارات وهميّة على الآخر ودفعاً لفتن فصلوا أكفانها على قياس اللبنانيين في مرحلة لم تتبدد أجواؤها السوداء بعد .