يبدو ان المفاوضات النووية بين إيران والدول الكبرى تتجه نحو توقيع الاتفاق النووي وان احتمال التوقيع اصبح اقوى من عدم التوقيع الا اذا حصلت مفاجأت غير متوقعة ، والدليل على ان التوقيع اقوى من عدم التوقيع تصريحات وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف بأن المفاوضات النووية حققت تقدماً كبيراً ، وقيام وزير الخارجية الأميركية جون كيري بجولة على عدد من العواصم العربية والغربية لإطلاع حلفاء أميركا على مضمون الاتفاق وطمأنة هذه العواصم من تداعياته المستقبلية. كما أن زيارة رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو إلى أميركا لإثارة المخاوف من الاتفاق والتحذير من الدور الإيراني لم تنجح في تحقيق اهدافها . لكن علينا الانتظار حوالي الأسبوعين لمعرفة النتيجة النهائية للمفاوضات النووية، وبانتظار ذلك لا بدالاستعداد لكل الاحتمالات ودراسة ما سيجري مستقبلا. ففي حال تم توقيعه فهو سينهي مرحلة تاريخية من الصراع بين الجمهورية الاسلامية الإيرانية والغرب وفي المقدمة الولايات المتحدة الأميركية وسيمهد الاتفاق لبدء البحث عن تسويات سياسية لأزمات المنطقة، وخصوصاً الأزمة السورية، كما أنه سيساهم في تعزيز دور إيران الإقليمي ــ الاقتصادي والسياسي. ويجب ان يترافق الاتفاق البدء بحوار إيراني ــ عربي ــ تركي لإعادة البحث عن كيفية التعاون بين هذه المحاور في كافة المجالات بدل الاستمرار في الصراع والخلاف، بشرط أن يعي العرب والأتراك بأن مصلحتهم الأولى في الاتفاق مع إيران وعدم الصراع والصدام معها وكي لا يكون الاتفاق سببا للمزيد من الصراعات. كما سيكون للاتفاق تداعيات مهمة على الكيان الصهيوني ودوره وعلى الصراع العربي- الاسرائيلي ، لأنه سينهي الدور التخويفي لهذا الكيان، وسيوقف الحملات التي يقوم بها هذا الكيان في إطار التخويف من إيران ودورها، ونحن نعرف أن الكيان الصهيوني يستغل أجواء الصراع والحرب في المنطقة لتبرير وجوده وتبرير عدوانه ووحشيته.وان كان علينا ان نتوقع البد بالبحث عن تسوية لهذا الصراع بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني . وسيعزز الاتفاق توحيد القوى الدولية والإقليمية لمواجهة التطرف والعنف في المنطقة وفي العالم وخصوصاً العنف القائم على أسس دينية، وهذا الأمر سوف يخدم الإسلام والمسلمين ومستقبلهم. ولكن لا يمكن الجزم بان الاتفاق سيؤدي الى نهاية سريعة للحروب والصراعات في المنطقة والعالم، لكنه سيوفر الأجواء المناسبة للبحث عن تسويات للأزمات المختلفة. أما إذا لم يوقع الاتفاق، فإن ذلك يعني استمرار الحروب والصراعات في المنطقة والعالم، وهذا سينعكس سلباً على الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وستدفع المنطقة العربية الثمن الأغلى لهذه الحروب وستعزز الدعوات للتقسيم وإقامة الكيانات المذهبية والطائفية والعرقية، ولا يمكن عندئذٍ تحديد الأفق المستقبلي للمنطقة. طبعاً نحن بحاجة لدراسات وأبحاث معمقة حول الاتفاق وأبعاده ودلالاته سواء تم التوقيع عليه أو تم تأخير التوقيع، وعلينا أن نكون مستعدين كعرب ومسلمين لمواجهة تداعيات الاحتمالين سواء لجهة التوقيع أو عدمه، بشرط أن تتم دراسة التطورات والمتغيرات وفقاً لحسابات المصالح والمكاسب وليس على أساس الأهواء والأحقاد والخلفيات المذهبية والقومية والطائفية. نحن إذاً أمام مرحلة جديدة ستحدد ملامحها في الأيام القليلة المقبلة وعلينا الاستعداد لكل الاحتمالات.