لقد أسقطت الثورة الفرنسية كنائس الأسواق، وتجَّار الجنَّات والسماوات ، وحرَّروا العقل والإنسان من سيطرة لحى الخوارنة والكهنة والشيوخ والصلبان....لا ندري متى نقتبس هذه الشعلة الوضَّاءة ، ونستريح من عناء القهر والتعب والسفر خلف صلبان وأحجار وسراب دين هؤلاء الذاهبين باتجاه قصورهم وموائدهم ، وبالتمسك بالعرش الإلهي والرسولي ، وألبسوه ثوب القداسة وتمسَّكوا بمقولة قسمت ظهرالأمة وأغلقت عقلها ، وفرَّقتها إلى جماعات وأحزاب "ما كنت لأخلع ثوباً ألبسنيه الله"...ومن ثم درجوا على التوارث والتوريث وحصروا هذا الحق بهم لأنهم هم أولى وأعرف بمصالح العباد والبلاد..وأما بخصوص حركة المسلمين الشيعة اللبنانيين فلهم أولويات إنسانية وإسلامية ووطنية ،

وإنخراطهم في النسيج الوطني وهي أولوية الداخل على الخارج ، والدين على الطائفة ، وبالتالي هناك أولوية العدالة دون سواها ، وإنحيازهم لكل المظلومين والمحرومين عندما يقع الظلم على غيرهم ، من هنا كانوا طلاب إنصاف ،لا طلاب فتات وقشور ومال وتوريث..من هنا بإمكاننا أن نعثر وفي فترات زمنية بالشأن الشيعي مع كل مستجد في عالم السياسة من السيد محسن الأمين والسيد عبد الحسين شرف الدين في أواخر القرن الماضي إلى أوائل هذا القرن من بعض العلماء الذين شاركوا بما يسمى حركة التأسيس من دون أن يكون للشيعة إطاراً تنظيمياً لإجتماعهم تحت مؤسسة تحفظهم تحت سقف الدولة والوطن، إلى زمن "الصدرية" بلغ التكيُّف الشيعي أشدَّه على يد السيد موسى الصدر بما

يملك هذا الرجل من إدراك ومعرفة ومن تعاطي واسع بالشأن اللبناني وبالشأن الشيعي خصوصأ ، وأسَّس المجلس الشيعي ليبقى حاضراً في كل المفاصل والمتغيرات والمستجدات...غابت تلك المؤسسة بغياب مؤسسها ، وتحوَّلت إلى ثقوب وإرهاصات وهواجس بالمزيد من الإنغلاق والنبذ والإختزال والمصادرة والقمع واللعب على حبال الكلام واللعب على حبال الدين بالسياسة ، والوطن بالمزرعة ، فلنسئل كم عمامة يوجد في تلك المؤسسة قياساً على عمائم الشيعة في لبنان ؟

وكم عدد الشيوخ الموظفين عند "آل قبلان" حتى يطالعنا البعض مدافعاً ومعبراً عن تلك المزرعة وعن راعيها بإمام البِّر والتقوى والإحسان ، ما أرخصها من عناوين عندما لا يكون أولويات موسى الصدر من الإنصاف والعدالة ، بل لا بد من المزيد من الحذر والإحتياط من الإفراط في الطمأنينة إلى صوابية نهج المؤسسة، فلا بد من النقد الدائم حتى لا يستعمل الحق تعسُّفاً كما عبر بعض الناقدين عن مزرعة آل قبلان من تهميش لدورها وحفظ الشيعة بشكل عام ، نوجِّه السهم باتجاه الهيمنة السياسية والدينية من قبل الثنائية الشيعية المسكوت عنها وهي المعنية بالدرجة الأولى بتركيب تلك الطبقة التي حصرت دورها بما يخدم مصالحها الضيقة ومصالح الهيمنة الثنائية الشيعية.. من هنا بإمكان أي شيعي أن يحفظ هذا الكلام عن ظهر قلب ويحمله ويبشر به واقفاً أو قاعداً أو ربما يكون نائماً على أشلاء الضحايا من المحرومين والمظلومين في مزرعة الطائفة