لم ينتظر الجيش اللبناني معركة "ما بعد ذوبان الثلج في السلسلة الشرقية" التي أعلنها السيد حسن نصرالله خلال خطابه الأخير،بل لاقى الحزب إلى منتصف الطريق محصناً الداخل اللبناني والقرى البقاعية من التوغل بإتجاهها في حال وقعت معركة القلمون الثالثة. كل المعطيات تشير أن ربيع السلسلة الشرقية سيكون حامياً هذا العام،فالمجموعات المسلحة التي حاصرتها الثلوج والطقس القارس ونقص المواد التموينية سيكون سبباً رئيسياً في قيامها بهجوم مشابه لسيناريو عرسال في آب الماضي،وعليه جهد المسلحون خلال المرحلة الماضية على إقامة تحصينات في الجرود وحفر الأنفاق وتجهيز المغاور للإنطلاق منها عند الهجوم وإستقدام تعزيزات إضافية،وما المبايعات بين التنظيمات في الجرود سوى لتوحيد الصفوف والهجوم بقوة.

مصدر أمني أكد لموقع "لبنان الجديد" أن الأجهزة الأمنية توافرت لديها معلومات عن قيام المجموعات المسلحة بعمليات ضد مراكز الجيش في جرود عرسال ورأس بعلبك بعد تحسن الأحوال الجوية من أجل تأمين مقومات عيشها في الجرود بعد نقص المواد الغذائية وما تحتاجه خصوصاً بعد تضييق الخناق عليها مؤخراً وهو ما إعتمدته الحكومة اللبنانية كإحدى أوراق القوة لديها في ملف العسكريين المخطوفين،وأضاف أن جرعات الدعم التي يتلقاها الجيش من أسلحة وعتاد رجحت موازين القوة لصالحه وجعلته في موقع المهاجم لا المدافع. عمل الجيش اللبناني وبعد معركة عرسال على معالجة الأخطاء التي ساعدت المسلحين في دخول البلدة وقتل عسكريين ومنها سيطرتهم على نقاط إستراتيجية مكنتهم من التحكم بسير المعركة وسهلت دخولهم وخروجهم،وعليه عزز الجيش مراكزه المنتشرة من عرسال وصولاً حتى القاع فأقام التحصينات والدشم وبدأ عملية إسترجاع تلك النقاط "كتلة الحمرا" وليس آخراً "تلة الجرش" والتي من خلالها وضع مساحات الجرود الواسعة تحت منظاره وبالعين المجردة أيضاً وهو ما يعيق تقدم المسلحين وسهولة تنقلهم فيما بعد.

أما حزب الله الذي يعد العدة للمعركة القادمة،فهو لا ينفك عن تحصين مواقعه المنتشرة من جرود النبي شيت والخريبة مروراً ببريتال وبعلبك ونحلة واللبوة حتى الهرمل،وفي حركة شبه يومية تقوم شاحناته بنقل البراميل الفارغة إلى المراكز لإستعمالها كتحصينات،إضافة إلى الأسلحة والعناصر والجرافات التي تعمل على شق طرق تربط المواقع ببعضها البعض وتسهل وصول الدعم في حال وقوع هجوم مباغت كما حصل منذ فترة في جرود بريتال "معركة عين الساعة" والتي ذهب خلالها ضحايا للحزب،والواضح أيضاً أن الحزب بقصد وعلم أو دونهما يقوم بعملية تنسيق غير معلنة بين الجيشين اللبناني والسوري إستعداداً للمعركة القادمة،ولكن الخوف يبقى من تبعات تلك المعركة وخصوصاً أن النتائج في معركة القلمون الأولى التي جرت بين الحزب والجيش السوري من جهة والمسلحين من جهة أخرى كانت سيئة، وللتذكير فقط أن إتفاقً حصل وقتها قضى بدخول الحزب والنظام إلى قرى ومناطق القلمون مقابل إنسحاب المسلحين إلى الجرود وهو ما حمل تبعاته لبنان لاحقاً.