كتب أكاديمي لبناني موالي لايران عن الملفات العالقة بين واشنطن وطهران والتي وصفها بالكثيرة والمعقدة بدءًا من حزب الله الذي تشكل مقاومته والصواريخ التي يملكها قلقاً جديّاً لاسرائيل , الى العراق , حيث نفوذ ايران التجاري والاقتصادي والأمني , الى البحرين حليف امريكا , حيث تدعم ايران " الحراك الشعبي " المعارض , في حين تقف السعودية غير مكتوفة اليدين الى جانب أمير البحرين , وصولاً الى اليمن , وأمن الخليج عموماً , والدور الايراني المفترض في هذا الأمن الذي ترفضه السعودية , وتقف الحرب السورية في مقدمة الملفات الساخنة ما بين واشنطن وطهران .

يضيف الكاتب بأن الرئيس أوباما يسعى الى تحقيق انجازاً تاريخيّاً قبل نهاية ولايته , ويتمثل في نزع التهديد النووي الايراني , من خلال الزام ايران بشروط وقيود تمنعها من تنفيذ مشروع القنبلة النووية الذي تعتبره اسرائيل تهديداً وجودياً , لكن هذه الرغبة تفترض رفع العقوبات عن ايران . ويعني رفع العقوبات ان ايران ستصبح طليقة اليدين في تصدير النفط والغاز , وفي استيراد قطع الغيار لطائراتها , وفي فتح أسواقها أمام العالم الغربي , وفي تطوير حقولها النفطية , مما يعني ان الاقتصاد الايراني سيتعافى وستصبح ايران أكثر استقراراً على المستوى الداخلي , وأكثر قوّة هي وحلفاؤها في المنطقة .

فكيف يمكن أن يقبل الرئيس الامريكي بهذا التحول الذي سيهدد نفوذ حلفائه ؟ مثل المملكة العربية , التي تواجه النفوذ الايراني , وتحاول التصدي له وعرقلته في كل مناطق انتشاره من لبنان الى العراق واليمن , ومثل اسرائيل التي ترفض أي اتفاقيات يمكن أن تسمح لايران بامتلاك حتى القدرة النووية ( استمرار التخصيب) , وليس فقط القنبلة النووية .

لقد تحفظت المملكة العربية من جهتها على الاتفاق , ولم ترحب به خلافاً لمعظم دول الخليج من الامارات الى الكويت وقطر , وبالتأكيد سلطنة عمان التي رعت المفاوضات السرية بين الطرفين الأمريكي والايراني . لكن تحفظ المملكة ومخاوفها ليسا من البرنامج النووي نفسه , بل من دور ايران الذي سيتعزز بشكل أكبر في الشرق الأوسط بعد رفع العقوبات . ويخشى السعوديون من أن مزيداً من كسب ايران لمعاركها سوف يُترجم بتوسيع الهيمنة الايرانية في المنطقة .

الا أن مصدر القلق السعودي الرئيسي يبقى الخوف من وصول واشنطن في نهاية المطاف الى مصالحة , والى التعامل مع طهران باعتبارها حليف الولايات المتحدة الأساسي في المنطقة . كان بنيامين نتنياهو أبرز المعترضين على الاتفاق ووصفه بالغلطة التاريخية ولم يعتبره انجازاً تاريخياً , وقال : ان اسرائيل تشعر بمخاوف من اتفاق جنيف مع ايران .

ورد عليه وزير الخارجية الأمريكية جون كيري بالقول : ان اتفاق جنيف النووي هو اتفاق جيد , وأنا مقتنع بأننا قمنا بأول خطوة صلبة جعلت العالم واسرائيل أكثر أماناً .

في حين طمأن الرئيس أوباما اسرائيل , وتعهد بتصعيد العقوبات , والاستعداد لشن هجوم على مواقع عسكرية ايرانية , اذا فشلت طهران في الالتزام بتعهداتها بنصوص الاتفاقية الانتقالية .