متزامناً مع الذكرى السنوية لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية الذي يحتفل به الإيرانيون ويستعيدون ذكرى القضاء على النظام البهلوي المستبد، منعت السلطة القضائية، الصحافة والإعلام من نشر أي صورة أو خبر للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي.
تسرب هذا الخبر قبل أيام، ولكن الشيخ رفسنجاني في حواره مع صحيفة "جمهوري إسلامي" أكد عليه بلهجة تهكمية، مما دفع الصحفيين باستفسار الموضوع من الناطق الرسمي للسلطة القضائية محسني إيجئي، الذي أكد على صحة الخبر يوم الاثنين، وأيده مبرراً بأن المجلس الأمن القومي،اعتبر هذا الشخص -ويقصد الرئيس السابق محمد خاتمي- بأنه من رؤوس الفتنة، فعليه يجوز لمدعي العام منع الصحف من نشر الأخبار المتعلقة به. وتوعد محسني إيجئي الصحف المخالفة لقرار مدي عام طهران، بالعقوبة.
هذا ولم يمنع مدعي العام، نشر صور وأخبار بنيامين نتانياهو وشاه إيران، وغيرهما من أعداء الثورة الإسلامية، ولكنه يمنع من نشر أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية شعبية وأحسنهم سمعة وأفضلهم خُلقاً ومنطقاً وأكبرهم تأثيراً على الشارع والمثقفين. وأي موقف يتخذه خاتمي، لا يمكن تجاهله لأي طرف سياسي في إيران، ولم ننس بأن موقع فارس التابع للحرس الثوري الإيراني، خلال الانتخابات النيابية السابقة، استبق جميع المواقع في نشر صورة تُظهر خاتمي أمام صناديق الإقتراع، وادعى موقع فارس، بأن خاتمي لم يقاطع الانتخابات، بل صوت في مدينة دماواند.
فضلاً عن أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لم تكن تكتب لها عاقبة حميدة لو لم يكن تحريض خاتمي أنصاره بالمشاركة فيها والتصويت للشيخ روحاني، وكان لافتاً أن الرئيس روحاني، وبعد ساعات من إعلان فوزه، قال إذاعة إيران الرسمية الحكومية، بأنني أشكر دعم الرئيس السابق حجة الإسلام السيد محمد خاتمي ودوره في فوزي في الانتخابات.
فما ذا حدا مما بدا؟ نعم، يعرف المحافظون، بأن الإصلاحيين، يجهزون أنفسهم لاسترداد المعقل النيابي من المحافظين، في العام المقبل، بعد استردادهم الموقع الرئاسي، في العام الماضي، وبطبيعة الحال للرئيس خاتمي دور قيادي في ترتيب البيت الإصلاحي في تلك الانتخابات. فيرى المحافظون بأن عليهم حجب الاعتبار عن خاتمي، لسد طريق الاصلاحيين إلى البرلمان.
الشعب الإيراني متعود على هكذا قرارات سخيفة ومهزلية، منذ عقود قبل انتصار الثورة، كان نشر أي خبر لقائد الثورة الإيرانية الإمام الخميني، محظوراً، ووصل فرض الحذر ذروته عند منع السلطات، دور النشر من طباعة كتاب أحكام الشريعة للإمام الخميني، مما اضطر دور النشر إلى نشر آراء الفقهية للخميني تحت حرف رمزي عبارة عن (خ) وكان المؤمنون يعرفون بأنه إشارة إلى الخميني، ولم يكن يُشتبه اسم الخميني بمرجع آخر يشترك معه في الحرف الأول من الإسم العائلي وهو السيد الخوئي، حيث كان يُكتب إسمه بالكامل (الخوئي).
التاريخ يتكرر؛ ولكن اليوم لا يشبه البارحة، حيث أنه في ظل الإعلام الإلكتروني الذي حول العالم إلى قرية واحدة، لم يعد هكذا قرارات طفولية، يجدي أي نفع، وبل يترتب عليه أضرار جسيمة للمحافظين، ولن يؤدي إلا إلى المزيد من شعبية خاتمي، صاحب مشروع الحوار بين الحضارات، وممثل إيران الحضاري في العالم اليوم، رغم أنف الحساد الجهلة.