أحيا “تيار المستقبل”، الذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، بمهرجان أقامه في مركز بيروت للمعارض “البيال”، تحت شعار “عشرة، مية، ألف سنة، مكملين”، تضمن كلمة للرئيس سعد الحريري الذي حضر إلى لبنان خصيصا للمشاركة، إضافة إلى شهادات عبر الشاشة من شخصيات عربية ودولية. كتب د قربان على صفحته على فايسبوك تحليل لخطاب الامس معتبراً خطاب الحريري بانه خطاب إدارة الأزمة والعيش الواحد في خط الأعتدال والعالم الحديث.

1 – من حيث الشكل:

وجود عناصر برتقالية من الوزن الثقيل أحرج الكثير. المصالحة والمسامحة يسبقها المصارحة الشفافية والاعتذار. لم نسمع أنّ هذا التيّار حليف من يحمي القتلة وحليف يشار عدو السيادة اللبنانية قد تراجع عن خطابه التحريضي للكراهية والحقد ضد المسلمين من أهل السنّة. نفترض أنّ البعض منهم حضر الاحتفال بصفته وزيرا في الحكومة اللبنانية. والجمهور السيادي الذي ثبت على نضاله منذ 10 سنين يطلب تفسيرات مقنعة وينتظر مصارحة شفافة من قبل هذا التيار للغطاء الذي أمّنه للعدو الأسدي والمنظمة التي تحمي القتلة في لبنان.

كان الاحتفال طويلا نوعا ما ولم يكن من الضروري أن تؤدي السيدة تانيا قسّيس أكثر من النشيد الوطني الذي كان جميلا جدا ومؤثرا. أما فرقة الراب الشبابية الطرابلسية فهناك من لا يتذوق هذا الشكل الفنّي. ولكن بالرغم من ذلك فكان واضحا أن تيار المستقبل يريد أن يخرج من الخانة السنّية الحصريّة الذي حاول أعداؤه أن يغرقوه فيها. فعاد تيار المستقبل إلى جذور رؤية رفيق الحريري موجّها خطابه إلى أكبر شريحة ممكنة من اللبنانيين المعتدلين الذين يحلمون بالدولة المدنية المتحررة من قيود التقاليد الشرعية رافعا راية القانون كمرجع أوّل في الفضاء العام واحترام وحماية الشعائر والتقاليد الدينية والطائفية والمذهبية في الشأن الخاص. توجه إلى من لا يخاف الحوار مع الحداثة

وبتركيز الخطاب على مفهوم العبش الواحد وليس فقط العيش المشترك … لربما أراد الرئيس سعد الحريري إطلاق ديناميكية تحرّك اجتماعي سياسي عابر للطوائف من أجل صيانة حركة وسطيّة تتخطّى التمثيل المذهبي وتطمح إلى لمّ الشمل وخاصة في أوساط الجمهور السيادي. إن صحّت هذه القرأة فيكون تيار المستقبل عاد إلى أصله … إلى روح 14 آذار.

2 – من حيث المضمون:

ذكر المملكة العربية السعودية في مدخل الخطاب يدلّ ربما على أجواء تسوية بين الرياض وطهران حيث لم تنجح إيران على الاستيلاء كلّيا على لبنان. وهناك ربما نوع من التنازلات المتبادلة يضمن مساحة مصالح للقوى الإقليمية.

مضمون الخطاب يدل على أنّه خطاب إدارة أزمة. الحوار مع حزب الله يندرج في إطار استراتيجية إدارة الأزمة وليس كوسيلة دبلوماسية لحل الأزمات التي يتخبّط بها لبنان. وهذا تكريس لدور لبنان كأسفنجة استراتيجية تمتصّ العنف الدموي في المنطقة وتحوّله إلى أزمة سياسية داخلية مما يسمح الوقاية من شبح المواجهة المسلحة بين السنّة والشيعة. إذا صحّت هذه القرأة فهذا يعني أن حزب الله قدّم تنازلات مهمّة ممّا يسمح بعض التفاؤل داخليّا.

أكّد الحريري إرادة فريقه السياسي إلى إنتخاب رئيس للبلاد بأسرع وقت ولكنه إعترف أيضا بأن الخصم غير متحمّس. الأزمة السياسية ستبقى إلى حين إيجاد تسوية كبيرة في الشرق بعد أن تنهزم القوى الأرهابية لأنه ليس هناك من حل وسط بين الأعتدال والتطرف على حسب قوله. وهذا ما يساعد على احتواء الصراع المذهبي.

وأكد الحريري على خياره الواضح بمساندة الشعب السوري وبعدم رغبته في أي تسوية “س س” مع هذا النظام. نفترض بأن حزب الله موافق إذا على فصل الأزمة اللبنانية ولو بشكل غير معلن عن الأزمة السورية. ألأيام القادمة ستؤكد صحّة أو خطاء هذه القرأة الأؤلى.

ويبقى السؤال: هل ستنجح هذه الآستراتيجية إلى مواجهة التطرف الديني الإسلامي الإرهابي وإلى نزع الغطاء المسيحي عن هامة حزب الله؟

 

 

 

 

 

المصدر: بيروت اوبسرفو