ساحة النور أو ساحة " الله" كما تعرف في أوساط الشمال ....
تلك الكلمة التي جعلت من طرابلس عاصمة السنة في لبنان وحولتها لقبلة المتعصبين ومهد السلفية المتحجرة وكأن " الله " في طرابلس لطائفة دون الأخرى ؟!!!

فما أصل تلك الساحة ومتى هبطت عليها رحمة " الله " ؟؟؟
إن هذه الساحة في تاريخها لم تك ذات طابع ديني متزمت بل كان طابعها وطني وسياسي بإمتياز إذ كانت تعرف بساحة " عبد الحميد كرامي " نسبة لهذا القائد الطرابلسي الذي اغتيل في مرحلة الحرب الأهلية وكان يتوسطها في ذلك الزمن بدل كلمة " الله " تمثال لهذا الزعيم الذي سميت تيمناً به ، غير أن وضع لبنان المتزعزع في حقبة الثمانينيات من القرن الماضي وسيطرة الميلشيات والأحزاب على أراضيه وانتشار التعصب الديني في زوايا طرابلس وفي ظل سيطرة حركة التوحيد الإسلامي في حينها .
عمدت هذه الحركة إلى تفجير هذا التمثال وإلى وضع كلمة "الله" مكانه مع عنوان ( طرابلس قلعة المسلمين) .

المواقف في حينها ؟!
في صدد هذا التغيير لتنقلب ساحة الكرامي ساحة " النور" أو " الله" وليحل مكان تمثاله رمزاً ديني ، تعالت العديد من الأصوات مطالبة بإزالة الكلمة وإعادة التمثال غير أنها كانت أصوات بكماء لم تنصت لها الآذان السياسية المسيطرة .

موقف أهل طرابلس !!!
مدينة طرابلس كشعب ظلّ واقفاً خارج هذه اللعبة السياسية غير أن المد والجزر حول هذه الكلمة بقي متأججا ليتكرر في سنوات بين تيار المستقبل وحركة التوحيد التي كان الإنتصار حليفها معللة بأن طرابلس إسلامية وبهذه الكلمة تبرز هويته .

نهاد المشنوق والراية ؟؟
ولأن المشنوق أراد للبنان وجها لا يعرف طائفة ولا دين ولا حزب بدأ قراره إزالة المنشورات والأعلام والرايات الحزبية والدينية وبمبادرة من حزب الله افتتحت الحملة في حرمهم لتمتد إلى صيدا وطرابلس غير أن لطرابلس وقعاً آخر وحسابات أخرى ؟؟
فإسم الجلالة في طرابلس هو تابو يمنع المساس به فما الذي حصل ....
وكما يقال النار تبدأ بشرارة ، تأججت نار طرابلس براية فمن أرادوا تطبيق القانون لم تسعفهم الجرأة لإزالة اسم الجلالة وما كتب عند أطرافه فبدأوا اللعبة براية من الرايات المنتشرة حوله وكانت النتيجة تجمعات وخطابات و وعيد وتهديد ....

خالد الضاهر ...
نائب الأمة أو كليمها ، الذي لا بد لخطاباته أن تطرب الأذن الشمالية في هكذا مناسبة ففي سياق الحمية الدينية صرّح النائب خالد الضاهر في خطاب أقل ما يوصف " درامي " بأن تتم إزالة تمثال يسوع النبي قبل أن يمس لفظ الجلالة .
وكعادته وكعادة تلك الخطب التي يصدرها دون وعي ومسؤولية ألحقت كلمته بتبرير وتعليل يرفع به عن نفسه الخطيئة التي اقترفها وينهي جدلاً أحدثه في الأوساط السياسية لا سيما المسيحية منها .

الجماعة الإسلامية ....
وصفت القرار بالعلماني وإعتبرت ساحة النور ولفظ الجلالة خارج كل قرار مطالبة كما تقوم الدولة بإحترام تمثال مريم العذراء في المناطق ذات الطابع المسيحي أن تحترم بالتالي لفظ الجلالة لما يحمله من خصوصية دينية عند أهل الشمال وعند المسلمين عامة .

الشارع الطرابلسي ....
في جولة بين زوايا هذا الشارع الطرابلسي وفي سؤال تطرحه بعفوية على أهله من مختلف الأعمار حول موقفهم من إزالة لفظ الجلالة من الساحة .


نجد أغلب الإجابات مستنكرة ورافضة ليس لمذهبية فكر ولا لتعصبٍ ديني ولكن لأن كلمة " الله " من تراث الفيحاء ولأن بإعتبار أهل طرابلس الله هو لكل الأديان وليس للسنة فقط !!!


فبائع القهوة على زاوية الساحة يقول لك كيف تكون الساحة بدونها والطفل العابر هناك يجيبك ببراءة هذه ساحة الله فكيف ستزيلون الكلمة !!!


أما الفئة المثقفة فتفصل بغالبيتها بين الدين واللفظ وتعتبر أن إزالتها هو أول النعرات لإشعال طائفية نريد إخماد فتيلها ؟؟

 



وأخيرا ...
ففي طرابلس كما يوجد ساحة " الله " يوجد شارع " الكنائس" وشارع " مار مارون " .....


فيا أهل السياسة إتركوا " الله " وأصلحوا طرابلس اقتصادياً وثقافياً وتنموياً وإجتماعياً ثم أزيلوا الشعارات ؟؟!!!

 

 

بقلم: نسرين مرعب