في تقرير من (6000) كلمة كشف فريق من أكثر من (145) صحفيا من ( 45) بلداً تابعا لـ (الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين) نقلا عن صحيفة (لوموند) الفرنسية و(بي بي سي) و(الغارديان) وغيرها.. ملفات مسربة من الفرع السويسري لبنك (HSBC ) تفضح حسابات أكثر من 100 مليار دولار، وتصور جزءاً بسيطاً من تعاملات فائقة السرية لم يتم نشرها للعلن!

يعتبر بنك (HSBC ) من أكبر بنوك العالم، ومقره الرئيسي في لندن، ولديه (74 ) فرعاً حول العالم. وقد كشفت الوثائق ان الحسابات المصرفية السرية تعود لمجرمين ومهربين ومتهربين من الضرائب وسياسيين ومشاهير هوليود وملوك ولاعبي كرة قدم وتنس ونجوم موسيقا وأسر غنية.

وكشفت الوثائق السرية أيضا استفادة البنك من تعاملاته، مع تجار الأسلحة الذين قاموا بقتل الأطفال في أفريقيا، و كان خزينة للحكام المستبدين لدول العالم الثالث، وتجار الألماس المرتبطين بتمويل الحروب الأهلية! واعتبرت هذه التصرفات مناورة لإخفاء معلومات الحسابات المصرفية عن جباة الضرائب، وارتباطه بسلوك غير قانوني! 

أعمال قانونية لكن غير أخلاقية! 
وتسلط هذه الوثائق الضوء على استغلال المشاريع التجارية المشروعة في دعم الجرائم الدولية، وهذا ما يقوم به بنك (HSBC) من أعمال، قد تكون قانونية ولكن غير أخلاقية حسب التقرير؛ حيث قدر أكاديميون أن أموالاً تقدر بنحو 7.6 ترليون دولار تهرّبت من الضرائب، وأن هذه الأموال كان يجب أن تعود بضرائب تقدر بنحو 200 مليار دولار إلى دولها.

الملفات السرية التي تم الحصول عليها تغطي حسابات لأكثر من ( 100 الف شخص و كيان اقتصادي ) عبر أكثر من 200 دولة و هي نسخة من تلك التي حصلت عليها الحكومة الفرنسية و تم تشاركها مع حكومات اخرى في عام 2010.

كما أشار تحقيق تابع لمجلس الشيوخ أن بعض أفرع بنك HSBC تجنبت العقوبات الاقتصادية بحق ايران و دول و تنظيمات اخرى و قدمت خدمات مصرفية لبنوك في المملكة العربية السعودية و بنغلادش من المحتمل أنها ساعدت تنظيم القاعدة و تنظيمات ارهابية اخرى 
كما كشفت الوثائق عن وجود أسماء لسياسيين حاليين وسابقين في كل من بريطانيا وتونس والجزائر وسوريا وأعضاء من الأسرة الحاكمة في المغرب، وأمراء خليجيين وأشخاص على لائحة العقوبات الامريكية متعلقين بروسيا و منظومات تطوير سلاح نووي سري في ليبيا سابقا. 
كما ذكر التقرير امتلاك (رشيد محمد رشيد) وهو وزير التجارة في عهد الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك لحساب مصرفي يحوي 31 مليون دولار. 

رامي مخلوف وقائمة حسابات! 
كما تحدث التقرير عن رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد، والذي ساعد بقتل عشرات الآلاف من المدنيين السوريين خلال الحرب وصرح المحامي ( ميرسيرون ) أن رامي مخلوف يملك قائمة من الحسابات البنكية بعدة اسماء أحدها يعود لزوجته و يقدر ب 1.3 مليون دولار.

كما كشفت الوثائق أسماء مانحين لمؤسسة كلينتون (بيل و زوجته) مثل (مايكل شومخر) بطل الفورمولا ون لسبع سنوات، والألماس الاسرائيلي والمال السياسي لدعم مرشحي (الرئاسة و الولايات) في الولايات المتحدة الأمريكية، كما تطرق التقرير لموظفي البنك و تعاملاتهم حيث يروي غودي وهو أحد العملاء الذي ورد أسمه على القائمة ان البنك أصر على وضع اسم وهمي بدل إسمه الحقيقي عند فتح حسابه البنكي و أن موظف البنك أخبره " بأن ذلك يعود لأسباب أمنية "،كما كشفت احدى الوثائق ان أحد موظفي بنك HSBC كان قد طمأن الإيرلندي جون كاشل و هو احد المتهربين من الضرائب و الذي تم محاكمته فيما بعد حين قال له " أسعى لطمأنتك أنه لا يوجد خطر من حدوث ذلك " يقصد هنا كشف تهربه من الضرائب!

عملاء مرتبطين بدعم الإرهاب! 
وكان الاتحاد الأوروبي قد أصدر قانوناً عام 2005 لفرض ضرائب على المدخرات البنكية على الأفراد، لتكشف التسريبات أن موظفي HSBC كانوا قد قدموا نصائح للعملاء بتسويق منتجاتهم والتي تحولت من أفراد إلى شركات في محاولة للتهرب الضريبي. 

كما تم في عام 2013 سجن (ارتورو ديل تيمبو ماكيز) لمدة سبع سنوات في اسبانيا بتهمة تهريب المخدرات، ليتضح أنه يملك أكثر من 19 حساب بنكي في HSBC تحوي 3 مليون دولار , كما أصدر مجلس الشيوخ تقريرا عن عملاء مرتبطين بدعم الارهاب عام 2003 ليكتشف فيما بعد ان ثلاثة من هؤلاء العملاء لديهم حسابات في بنك HSBC بعد عام 2003 
و في عام 2012 وافق HSBC على دفع مبلغ 1.9 مليار دولار لحل التحقيقات الجنائية والمدنية لمدة خمس سنوات في الولايات المتحدة و تأجيل النيابة لمدة خمس سنوات.

ينتهي التقرير بعبارات تدعو للسخرية (حسب وصفه) حيث كشفت الوثائق أن العديد من المطلوبين للانتربول الدولي يملكون حسابات في بنك HSBC و كذلك إلياس المر (رئيس مجلس مؤسسة الانتربول) يملك حساب هو ايضا في نفس البنك. 

ما يطرح التساؤل أن الوثائق كشفت عن عشرات الصفقات التي تمت عبر البنك ذاته في فرنسا، وتورط أربعين شخصاً في ذلك، من بينهم نجل الرئيس الفرنسي (فرانسوا ميتران), وبريطانيين عبر صفقة بيع رادار عسكري إلى تنزانيا عبر البنك نفسه؛ مع العلم أن اللورد (ستيفن غرين) المدير العام لبنك HSBC خلال الفترة التي يتحدث عنها التقرير، تم تعيينه وزيرا للتجارة في حكومة كاميرون في بريطانيا حتى عام 2013.
      المصدر: أورينت نت