في انتظار الجلسة المقبلة للحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، التي ستعقد في 13 شباط، يشير كشف الحساب للجلسات الاولى الى نقصٍ كبير في التفاؤل والأمل في إمكان حصول حوار حقيقي، فالحوار يبقى من أجل الحوار، بلا أرشيف او توثيق أو حتى مضمون حقيقي.

سبق لأحد المشاركين «المستقبليين» في الحوار، أن حدّد تاريخ 14 شباط مهلة أولية لترقب حصول نتائج عملية، إلّا أنّ سلوك حزب الله دفع الى تمديد المهلة الى 14 آذار، من دون توقع نتائج باستثناء المتواضعة منها التي لا تزيد عن حملة رفع الشعارات الحزبية، مع استثناء الضاحية والجنوب، ومع نقاش بضم مناطق أخرى يرفض حزب الله أن تدخل اليها حملة رفع الشعارات.

تشير المعلومات التي رشحت عن الجلسة الأخيرة الى عقم الحوار مع حزب الله، في كل ما يتعلق بالقضايا الاساسية، ولقد خرج بعض المشاركين فيها بأنّ الحوار يجري مع طرف لا يقرّر سياسته من تلقاء نفسه، بل يقرَر له من طهران، التي لم تعد تراعي الحزب في خطابها الاعلامي والسياسي الى درجة، بات فيها الحيّز الشكلي ملغى الى حدٍّ كبير، في كلّ ما يتعلق بالقرارات الكبرى.

ولقد شهدت الجلسة الأخيرة نقاشاً حاداً حول كثير من القضايا، ابرزها مسألة اطلاق النار الكثيف الذي شهدته بيروت والمناطق، فكان جواب حزب الله أنه المتضرّر الأكبر مما حصل، وأنّ الامر غير مقبول، لكنّ هذا الجواب لم يكن مقنعاً، خصوصاً أنّ الذين أطلقوا النار ليسوا مجرد أفراد عاديين، بل ينتمون الى ما يسمى «سرايا المقاومة»، وبالتالي فإنّ تمويلهم وتسليحهم من مسؤولية الحزب.

في النقاش حول القرار 1701 وخرقه، أكد حزب الله أنّ عملية شبعا، لم تخرق هذا القرار، لكنّ هذا التأكيد يخالف ما جاء في مضمون كلمة أمينه العام، وما جاء في تفسير الامم المتحدة لعملية شبعا، التي خرقت القرار 1701، في ثلاث نقاط رئيسة، منها مسألة خرق الالتزام بوقف العمليات العدائية، ووجود السلاح جنوب الليطاني، واعتبار شبعا بمفهوم الامم المتحدة أرضاً سورية، وهذه النقاط ستكون جزءاً من مضمون بيان يتمّ العمل على إصداره في مجلس الامن، حيث عُلم أنّ وزير الخارجية جبران باسيل يعارضه.

في مسألة نزع الصور واليافطات، تمسك حزب الله باستثناء الضاحية والجنوب من هذه العملية، وأضاف اليها الاوزاعي، وربط وجود هذه اليافطات والشعارات بالاستراتيجية الدفاعية، من دون أن يوافق تيار «المستقبل» على ذلك، على رغم مرونة وزير الداخلية نهاد المشنوق باستثناء الضاحية والجنوب، وبالإعلان عن أنّ هذه الحملة ستُنفَذ على طول الخط الساحلي من طرابلس الى صيدا، ما يعني عملياً استثناء الجنوب، والضاحية، والنقاش حول شمول الاوزاعي أو عدم شمولها بالخطة.

لن يكون الحوار المستمر بحكم الاستمرار، سوى تكرار لجلسات غير منتجة الهدف منها تخفيف الاحتقان المذهبي، لكنّ ما حصل بعد عمليتي شبعا والقنيطرة، والكلام الذي قاله الامين العام لحزب الله، فرض نفسه كعامل تخفيف من منسوب التفاؤل الى الحدّ الأدنى.

من هذه الزاوية تتصاعد الاصوات داخل «المستقبل» لاعادة إرساء بعض التوازن على الحوار، بفعل سلوك حزب الله، الذي كرّر ما يشبه بروفة 2006 حين دخل الى الحوار، فيما هو يضمر تنفيذ أجندة مختلفة، مستثمراً الحوار لمصلحته.

وفي هذا الاطار يلعب الرئيس فؤاد السنيورة، الذي يبقى على تنسيق يومي مع الرئيس سعد الحريري، دوراً مهماً في إرساء هذا التوازن، خصوصاً بعد خطاب السيد نصرالله، وبعد ما جرى في بيروت من إطلاق نار، وإطلاق مواقف تنعي الحوار، وتحوّله مجرد جلسات شكلية، لا يُرجى منها أن تؤدي الى أيّ تغيير أو انفراج.     الكاتب: اسعد بشارة