أيا تكن حصيلة الخسائر البشرية الإسرائيلية جراء العملية التي أقدم عليها حزب الله باستهداف قافلة تابعة للجيش الإسرائيلي في مزارع شبعا بعدد من الصواريخ. فإن هذه العملية لم تخترق سقف قواعد الاشتباك في مناطق النزاع سواء في الجنوب اللبناني او في الجولان السوري ولم تصل إلى حد إمكانية تغيير معادلات يمكن أن تؤثر على مسار المفاوضات بين إيران والدول الغربية حول الملف النووى الإيراني أو ان تطيح بمسيرة الحوار الداخلي الذي انطلق بين حزب الله وتيار المستقبل. بل بقيت تحت سقف عدم عدم إعطاء الذريعة المناسبة لأسرائيل من أجل أن تجر لبنان إلى حرب على غرار حرب تموز في صيف العام 2006.


فالملابسات التي احيطت بالعملية لهجة نوعيتها وحجمها تشير إلى أنها في حدود الرد الانتقامي على الغارة الإسرائيلية في القنيطرة في الجولان السوري وأدت إلى استشهاد ستة من المجاهدين في حزب الله إضافة إلى قيادي إيراني والتي جاءت بعد يومين من إطلالة تلفزيونية للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حيث أعطى لنفسه العنان في إطلاق التهديدات باتجاه إسرائيل والتأكيد على امتلاك الحزب لمنظومة من الصواريخ المتطورة وذات الفعالية العالية والدقيقة ألتي يمكن ان تتخيلها إسرائيل او لا تتخيلها.


وبالتالي فإن عملية شبعا جاءت من حيث التوقيت قبل يومين من موعد لاطلالة السيد حسن نصرالله على جمهوره حيث تشكل له مادة إعلانية دسمة يستطيع من خلالها استعادة ثقة قد تزعزعت بينهما بعد تهديدات أطلقها ولم تجد طريقها إلى التنفيذ بعد اغتيال القائد عماد مغنية في العام 2008.


ففي عملية شبعا فإن حزب الله أختار الرد المدروس بعنايه فائقة كي يكون ردا على عملية القنيطرة ومن خلالها يستطيع أن يرمم سمعته القتالية في عيون جمهوره ولا سيما لناحية رمزية سقوط إبن القائد العسكري السابق للحزب عماد مغنية الذي لم يحصل رد انتقامي على اغتياله.

مع حرص واضح من حزب الله ومن خلفه إيران يقابله حرص إسرائيلي مماثل على عدم الانزلاق نحو حرب كبيرة في المنطقه لا يربح فيها اي طرف في الوقت الحاضر او قد تؤدي الى الاختلال بالمشهد السياسي المضبوط على إيقاع يحول دون تطور الأمور أكثر . . . .