تأخر "التيار الوطني الحر" لإبداء رأيه من الغارة الإسرائيلية التي استهدفت موكباً لـ"حزب الله" بالقرب من القنيطرة السورية. لم يخرج هذه المرة رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون، داعماً ومؤازراً. حتى تصريحات نواب وقيادات التيار بدت مقتضبة، ولم تتعد التضامن الشكلي، الذي بد أنه يشبه مواقف قوى "14 آذار".

إنتظر التكتل حتى موعد إجتماعه الأسبوعي أمس الثلاثاء. كأن ما حصل لا يستدعي بياناً أو تعليقاً ويحتمل التأخير. خرج أمين سر التكتل إبراهيم كنعان ليتلو البيان. لم يزد التعليق على حادثة القنيطرة عن جملة واحدة فيها تقديم للتعزية، وإستنكار، ووضع للجريمة في إطار "محاولة ضرب الإستقرار، كما المفاوضات الجارية على أكثر من صعيد بين أطراف النزاع في المنطقة".

في التعليق المقتضب والمتأخر أكثر من رسالة واضحة. في الأروقة السياسية حتى ضمن صفوف "التيار"، كثر لاحظوا بوضوح تأخر التعليق العوني وبرودة التضامن. بعد صدور البيان بدت علامات الإستفهام أكثر ترجيحاً، خصوصاً مع الربط بين الغارة و"المفاوضات" في إشارة واضحة إلى المباحثات النووية الجارية بين الدول الكبرى وإيران. إشارة علق عليها أكثر من مصدر مطلع بسخرية بالقول: "كأنها جزء من إحد بيانات قوى 14 آذار"، قبل أن يضيفوا بإجماع: "لا ترقى طبيعة التعليق هذا أو حتى الإستنكار إلى مستوى العلاقة الوثيقة بين الحليفين".

لا شك أن الضربة تأتي في ظروف دقيقة، وتوقيت له حساسية سياسية محلّية وخارجية، ما يضيف إلى التعقيدات تعقيداً. تشير المصادر إلى أن "ذلك لا ينفصل عن وقوع الغارة على الأراضي السورية وليس على الأراضي اللبنانية، وهذا ما برّد من حماسة التضامن العوني مع الحزب، إذ أن سيادة الأراضي اللبنانية بقيت بمنأى عن الخرق"، لكن على الرغم من ذلك، تجزم المصادر أن "هذا لا يبرّر، لأن بالتأكيد أهداف الغارة أوسع وأشمل بكثير من تفصيل لبناني له علاقة بحوار أو غير ذلك".

هذا الواقع، تؤكده المصادر عبر القول أن "الصيغة التضامنية التي وردت في البيان مدروسة جدّاً، إذ أن هناك سقفاً لا يمكن تخطيه خصوصاً بالنسبة إلى الجمهور المسيحي، خصوصاً أنه في حال حصل رد فعل على هذه الغارة واشتعلت الحرب وطالت الأراضي اللبنانية، فإن الشارع المسيحي سيحاسب عون على موقفه الداعم بالمطلق للحزب ويحمّله مسؤولية ذلك". وتعتبر المصادر أنه "في مثل هذه الحالات لا يسمح الأدب السياسي العوني بمنح الغطاء بالمطلق لنشاط حزب الله خارج الأراضي اللبنانية، فلو حصلت الغارة على الأراضي اللبنانية لكانت الأمور مختلفة، أما على الأرض السورية فهناك محاذير". هناك من يذهب أكثر من ذلك ليقول: "ماذا بإستطاعة عون فعله و"حزب الله" لم يولِ الموضوع الأهمية مثل ضربات سابقة، فالسيد نصر الله نفسه لم يخرج ويؤبن الشهداء، ولم يحصل تشييع مركزي لهم، كما أن صاحب الأرض لم يخرج بأي تعليق على الموضوع وهو المعني بالأمر مباشرة".

رغم ذلك، تنفي مصادر مقربة من عون عبر "المدن" أن يكون التعليق تأخر أو أنه بارد سياسياً. تقول: "أبدينا تعاطفنا مع الحزب، وليس في الأمر ما هو غير طبيعي"، قبل أن تستدرك بالإشارة إلى أن "الإستهداف حصل داخل سوريا وليس داخل لبنان، وفيه محاولة لإختبار قدرة الحزب"، مكررة ما جاء في البيان لجهة اعتبار الغارة "إعتداء سافراً ومستنكراً"، ومؤكدة في إطار الأدبيات السياسية أنه "لا يمكن إلا أن نكون إلى جانب حزب الله، خصوصاً أن الإعتداء يطال جميع اللبنانيين، لأن من قتل هم لبنانيون".

عملياً، تتخطى الغارة ما أشار إليه "التغيير والإصلاح" في بيانه، لتطال محوراً بأكمله، من حزب الله إلى إيران إضافة الى الأراضي السورية. هذه الحلقة التي يعتبر عون جزءاً منها، هي المستهدفة، وعليه فإن موقف عون لم يكن على القدر اللازم، وكأنه بذلك يقول أنه حليف لـ"حزب الله" لكن ليس لمشاريعه الإقليمية. أحد المصادر يعلق بضحكة: "يبدو أن ورقة التفاهم لا تسري على الجولان". 

  الكاتب: ربيع حداد