نجحت اسرائيل في توجيه ضربة قاسية لـ"حزب الله" وايران في غارة القنيطرة. والضربة ليست الاولى، بل اتت بعد عدد من الضربات في سوريا ، والاغتيالات في لبنان. و قد حافظ "حزب الله" ومعه الايرانيون على منسوب التوتر مضبوطا، ولم يحصل رد في السابق لحسابات تخص كلا ايران و"حزب الله"، ولا سيما بوجود "هدنة " في الجنوب اللبناني، تقوم على مرتكزين: الاول القرار ١٧٠١، والثاني تقاطع مصالح بين ايران و"حزب الله" من جهة، واسرائيل من جهة اخرى، للحفاظ على "الهدنة" واحترامها كما احترم الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد هدنة ١٩٧٤ على جبهة الجولان. واثبت الايرانيون من خلال "حزب الله" في لبنان انهم هم ايضا قادرون على احترام التزاماتهم بكل "امانة" اذا ما وجدوا مصلحة في ذلك. والحال انهم بعد حرب ٢٠٠٦ صبوا اهتماهم على الداخل اللبناني للسيطرة على جميع مفاصل القرار فيه، وتحويل البلاد الى قاعدة "امينة" للحزب تكون بمثابة القاعدة المتقدمة لايران على الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط. ونجحوا الى حد بعيد في تحقيق هدفهم. لكن مع اشتعال الثورة في سوريا تغير المعطى، ولم تعد "القاعدة" المتقدمة في لبنان في امان. وانتهى الامر بزج "حزب الله" في اتون المعركة الدائرة في سوريا منعا لسقوط النظام. واتت الكلفة عالية جدا، وتحولت سوريا الى "فيتنام" واستنزاف دائم.

قبل الضربة في القنيطرة، وبالرغم من وعود قادة "حزب الله" واللهجة العالية لمسؤولي الحرس الثوري في ايران حيال اسرائيل، لم يكن الطرفان مضطرين للانتقال من الاقوال الى الافعال. لكن بعد القنيطرة التي كانت قاسية جدا، ومؤذية معنويا، قد تكون الامور تغيرت نوعا بحيث بات الايرانيون في حاجة الى الرد، ولو محدودا، وخصوصا ان ضربة القنيطرة سلطت الضؤ على احتمال وجود اختراقات استخبارية كبيرة داخل البنية العسكرية لــ"حزب الله" نفسه سمحت للاسرائيليين باقتناص قادة من الحرس الثوري و"حزب الله" بدقة.
ايران و معها "حزب الله" مضطران الى الرد في شكل او آخر ترميما لصورة اصيبت بشروخ لا يمكن نكرانها. و لكن دون الرد اعتبارات كثيرة ينبغي اخذها في الحسبان، إن في لبنان لجهة احتمال ان تكون الضربة استدراجا الى فخ حرب في لبنان فيما اصبح "حزب الله" غارقا في الوحول السورية، او لجهة سوريا اذ ان ردا من اراضيها يمكن ان يستجر ضربة مضادة مدمرة للنظام.
في هذه الاثناء لا بد من مراقبة مسار المفاوضات حول البرنامج النووي الايراني، وفي الوقت عينه التنبه للصراع في اروقة القرار الايراني بين مؤيدي الرئيس حسن روحاني، والجناح المحافظ في النظام الذي يظلل منظمة الحرس الثوري الضخمة.
اما لبنان فرهينة كل هذه المعطيات.