إيران الآن منشغلة بملفات عدة من المفاوضات النووية التي يديرها حكومة الرئيس روحاني، إلى الحرب التي تم فرضها عليها من قبل دولتين إرهابيتين وهما داعش وإسرائيل والحقيقة أنهما تشكلان عمقاً استراتيجيا لبعضهما البعض، من دون شك. وكلاهما سبق لهما وأن تذوقتا طعم الصواعق الإيرانية، في الأراضي المحتلة الفلسطينية والعراقية.

وكان لافتاً تهديد قائد الحرس الثوري، الجنرال جعفري بأن على الكيان الصهيوني أن يستعد لتلقي العواصف المدمرة بعد ارتكابه جريمة القنيطرة، ويبدو واضحاً أن الاعتذار الضمني الذي قدمه الكيان الصهيوني بالإعلان عن عدم تعمدهم لقتل الضابط الإيراني (مساعد قائد فيلق القدس) لن يجدي نفعاً وأنه سيتلقى ضربة موجعة من قبل إيران، عاجلاً أم آجلاً.

وبين المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة التي تتجه في مسار صحيح، وبين الاشتباكات مع الدولتين الدينيتين الإرهابيتين، هناك مساحة للمفاوضات العسكرية مع روسيا جرت في اليوم الماضي بطهران بين وزيري الدفاع الإيراني والروسي وشملت المفاوضات موضوع المنظومة الدفاع الصاروخية المتطورة المعروفة بـ اس 300، التي امتنعت روسيا عن تسليمها إلى إيران قبل 5 أعوام بحجة أن العقوبات الدولية تحظرها من تسليمها إلى جارتها الجنوبية. وفي المقابل هددت إيران روسيا في وقت سابق برفع الدعوى ضدها وطلب الغرامة التي تصل إلى 4 ميليارات دولاراً.

ولكن الآن الوضع يختلف عما كان عليه قبل عام؛ حيث أن صراع الغرب مع روسيا على أوكرانيا، دفعتها إلى التقرب من إيران، في شتى المجالات، واتجهت روسيا استبدال إيران بالغرب في تأمين الكثير من حاجاتها، في وقت فرضت حظراً على استيراد البضائع الأوربية.

وفي نفس الوقت أعلن أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني، عن استعداد إيران للخوض في حوار صريح وواضح وشامل مع المملكة العربية السعودية، وربما تشمل الحوار مختلف المواضيع، من النفط، إلى الأزمة اليمنية، وإذا تبرر السعودية سياستها النفطية الجديدة، بأنها تريد إخراج النفط الصخري من دائرة المنافسة، يبدو أن إيران وبنفس المنطق ستبرر سياستها في اليمن ودعمها للحوثيين، بمباركة أمريكية ضمنية، بأن الحوثيين هم وحدهم يتمكنون من سحق القاعدة، وإخراجهم من المنطقة وإبعاد خطرهم حتى من السعودية.

هذا مشهد لصفحة الشطرنج التي تلعب عليها إيران، مشغّلة جميع عناصرها وكوادرها وهناك شعور يقول بأن الردّ على جريمة الكيان الصهيوني في القنيطرة، يتصدر قائمة هواجس الإيرانيين، وليس الإتفاق النووي المرتقب ولا رفع العقوبات الدولية، وهذا ما يدركه الصهاينة جيداً.