مع استمرار الشغور الرئاسي وغياب رئيس الجمهورية وما ينتج عن ذلك من إرباك على المستوى الداخلي في كافة القضايا وخصوصا في الأزمات التي تتطلب موقفا رسميا على المستوى الرئاسي او اتخاذ قرار يحتاج إلى توقيع الرئيس كي يأخذ طريقه إلى التنفيذ.

وعلى الصعيد الخارجي فمع غياب الرئيس يتحول البلد مع الوقت ورويدا رويدا من دولة فاعلة ومتفاعلة مع الخارج ولها حضورها في المحافل الدولية ومع المجتمع الدولي من خلال سفرائها وبعثاتها الدبلوماسية إلى دولة منعزلة عن الخارج وربما إلى جزيرة في بحر تتلاءم أمواجه حولها دون أن تتمكن من درء أخطار تلك الأمواج العاتية.

فعلاقة لبنان الدبلوماسية مع المنظومة الدولية في الخارج تعاني من إرباك مع غياب الرئيس في الاتجاهين المتعاكسين سواء في علاقة لبنان بالدول الخارجية أو في علاقة هذه الدول مع لبنان خصوصا في الوقت الذي يمتنع فيه رئيس الوزراء تمام سلام عن لعب دور رئيس الجمهورية لاعتبارات عدة سياسية وطائفية لها علاقة بتركيبه لبنان القائمة على التوازن الطائفي.

ففيما يتعلق بتمثيل لبنان في الخارج فإن لدى لبنان وأحد وسبعين سفارة وفي الوقت الراهن فإن مركز السفير شاغر في أربعين بالمئة منها. وبحسب القانون فإن رئيس الجمهورية هو الذي يعين السفراء وفي مثل وضع لبنان الراهن فإنه حتى لو اجتمع مجلس الوزراء ووقع جميع الوزراء مرسوم التشكيلات الدبلوماسية للسفراء فإن ما يلزمهم كتب الاعتماد ألتي يحملونها إلى رؤوساء الدول.

وهذه الكتب هي كناية عن رسالة يوجهها رئيس الدولة إلى الرئيس في البلد الذي سيتم فيه تقديمها. فالشغور على مستوى السفراء أربعين بالمئة يعني أن لبنان يتمثل بقائمين بالأعمال بهذه النسبة.

وحتي لو ان الدول تدرك السبب وتتفهمه إلا أن الأمر ليس لمصلحة لبنان لأنه يعطي انطباعا ان تمثيل لبنان في الخارج ضعيف. أما لجهة علاقة الدول الخارجية مع لبنان فإن تعيين اي سفير جديد يلزم تقديم أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية.

ومع غياب الرئيس فإن هذه الدول تعمد إلى التمديد إلى سفرائها وعدم استبداله بسفير آخر حتى إذا إنتهت ولايته وبالتالي فإن هناك دول تؤخر نقل سفرائها من بيروت إلى حين يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية كي لا تقع في اشكالية تقديم أوراق الإعتماد.

فعدم وجود رئيس للجمهورية يعني وحسب مصادر دبلوماسية أن لبنان من دون رأس وإذا كانت الدول تأمل في انتخاب رئيس في أقرب فرصة كي تزول كل هذه الإشكاليات وكل هذه الظروف المستجدة.

إلا انه في البلد ما زال من يصر على تعطيل هذا الاستحقاق لاعتبارات خاصة وخاضعة لحسابات مرتبطة بملفات إقليمية نووية.....