منذ اللحظات الاولى لانتهاء الغارة الاسرائيلية على موقع للنظام في سوريا في منطقة القنيطرة كان السؤال: هل يرد "حزب الله"؟ وكيف؟ ومتى؟ في حين أن الغارة كما تبيّن استهدفت في الحقيقة قادة عسكريين ايرانيين وفي مقدمهم ضابط كبير في الحرس الثوري الذي يمثل المرجعية العليا لـ"حزب الله". وقبل أن يكشف عن مقتل الايرانيين الستة كان واضحا ان الانظار يفترض ان تتجه الى طهران لا الى حارة حريك، باعتبار ان الرد على هذا النوع من الغارات الاسرائيلية شأن له تداعيات اقليمية تتجاوز مدى الصلاحيات التي يتمتع بها قادة "حزب الله" في لبنان. إذاً السؤال هو: "هل ترد إيران؟ أما التنفيذ فمسألة عملانية. وقد يكون "حزب الله" الجهة المنفذة أو لا يكون. لكن المشكلة هي أن "حزب الله" فقد عناصر مهمة في الغارة وأهمهم من ناحية رمزيته العائلية وليس من جهة رتبته هو ابن القائد العسكري السابق في الحزب عماد مغنية الذي اتهم "حزب الله" اسرائيل باغتياله قبل سنوات. وسبق لإسرائيل ان استهدفت مواقع مشتركة للحرس الثوري الايراني والحزب في محيط دمشق، ثم قوافل محملة صواريخ، وقواعد تخزين للصواريخ على الحدود السورية – اللبنانية، وبقيت وعود "حزب الله" بالرد لفظية. وكانت اطلالة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الاخيرة مشبعة بكلام عالي النبرة في ما يتعلق بقدرات حزبه الصاروخية، ووعوده بالرد على أي غارة اسرائيلية في الاراضي السورية.

من هنا دقة الموقف حيال الضربة الموجعة التي تلقاها الحزب في القنيطرة. فهي تحرج ايران بمقتل ضابط كبير في الحرس الثوري ومعه ستة ضباط أقل شأنا، كما تحرج "حزب الله" الذي لم يرد في السابق، وتعاظم خسائره في الحرب التي يخوضها في سوريا نصرة لنظام الاسد ضد المعارضة. لذا فان الضغوط على ايران، ولا سيما من أجل معنويات "حزب الله" ستزداد للسماح للأخير بالرد إنما ضمن حدود المصلحة الايرانية العليا، والسؤال: هل يريد الايرانيون ردا كبيرا ومؤلما لإسرائيل عبر سوريا او لبنان، يكون بابا لمواجهة كبيرة قد تنسحب على لبنان؟ هذا ما لا يمكن التنبؤ به. وحدها طهران وقيادة "حزب الله" تعرف حدود الرد المناسب للمصالح الايرانية في مرحلة متقدمة من المفاوضات، وفي وقت يعاني "حزب الله" خسائر كبيرة في سوريا حيث تجاوز عدد قتلاه ألفاً وثلاثمائة، فضلا عن مئات الجرحى.

مع ذلك يحتاج الايرانيون من أجل "حزب الله" ان يردوا على الغارة بما يرمم سمعتهم في مواجهة اسرائيل، وان عادوا في ما بعد الى احترام "الخطوط الحمر" في سوريا، ولم يخرقوا "الهدنة" الواقعية في جنوب لبنان.
قد يكون التفكير في رد قوي ضمن ضوابط تمنع الانزلاق الى حرب شاملة مما لا يريدها أي طرف من الاطراف الثلاثة ايران و"حزب الله" واسرائيل.