الخلاف في الرأي بين المرجع الديني آية الله مكارم شيرازي وبين آية الله ناكونام على آلات الاتصالات الحديثة أدى إلى تدخل النظام باعتقال الثاني، متجاوزاً جميع المسافات بينه وبين الحوزة العلمية خاصة فيما يتعلق بالخلاف بين العلماء الدينيين أنفسهم.

يرى المرجع مكارم شيرازي أن الانترنت السريع فتح أبواب الجحيم أمام الشباب، ليخرجوا من دين الله أفواجاً والحل هو تخفيض سرعته أو ربما إلغاء خدمة الانترنت أساساً من قائمة خدمات الاتصالات.

هذا والرجل لديه موقع الكتروني مرموق بمختلف اللغات للدعاية لمرجعيته والتواصل مع مواطني القرية العالمية.

وفي الطرف الآخر هناك علماء دينيون يستخدمون الانترنت ويشجعون الآخرين للاستفادة منه ويعتبرونه نافذة للتواصل لا يستغني عنه أحد في العصر الحديث، من جملتهم عالم الدين آية الله ناكونام، والذي يعتبر من مدرسي الحوزة العلمية بقم، وهو رجل مستنير وكان مناضلاً ضد نظام الشاه واعتقل وسُجن من قبل السافاك، بينما كانت أنشطة مكارم شيرازي في العهد البهلوي مقتصرة على التوعية الدينية وتسلّم حينها جائزة الأميرة فرح زوجة الشاه.

ردّ آية الله ناكونام على آية الله مكارم شيرازي بشكل ساخر، معبراً عنه بـ "هذا الرجل" بينما عادة يُعبّر عن المراجع الدينيين بعناوين أكثر احتراماً.

وجه ناكونام نقداً لاذعاً للنظام الذي ضيّق الخناق على الانترنت إلى حد خنقه، وفق تعبيره ولكن رغم أنف النظام حتى الاطفال دون سن التعليم يجيدون استخدام الانترنت والحاسوب، ويرى ناكونام أن الانترنت وسيلة مجانية لتلاقي الأفكار والتضارب بينها، ومن لا يعجبه الانترنت يجب أن يترك الآخرين ليستفيدوا منه، لا أن يوصي بإلغاءه، واعترض على مكارم شيرازي لتحريمه الانترنت.

لم يكتف آية الله ناكونام بالاعتراض على آية الله مكارم شيرازي، بل تهجم على المنهج الانكماشي والتحريمي الذي ينتهجه البعض، قائلاً: [قبل أكثر من ستة عقود] منعوا من إدخال مكبرات الصوت إلى مقام السيد عبد العظيم، بحجة أن استخدامها حرام شرعاً، ولما قيل لهم بأن السيد البروجردي [المرجع الشيعي الأعلى] يستخدم مكبرة الصوت في محاضراته، قالوا، لا دخل لنا بأي أحد. ولما جاء الراديو، حرموها وأفتوا بحرمة عمل من يصلح أجهزة الراديو، قبل أن يتم تحلليها، ثم حرموا التلفزيون، و ثم تم تحريم الفضائيات، وجميع تلك الردود، انكماشية.

لم يمر السلطات القضائية على هذا النقد مروراً كراماً، بل قامت المحكمة الخاصة لرجال الدين، التي هي سلطة مستقلة خارجة عن سيطرة السلطة القضائية، بإلقاء القبض عليه بعد اقتحام منزله في اليوم الخميس الماضي، واقتاده إلى مكان مجهول. هذا وقبل فترة تم مصادرة جميع النسخ لكتاب الرسالة العملية لآية الله ناكونام وهذا الكتاب عبارة عن مجموعة من الفتاوى الشرعية الموجهة لعامة مقلديه، مما يعني بأن آية الله ناكونام، أعلن مرجعيته الدينية، من دون التنسيق مع النظام.

يبدو أن اعتقال آية الله ناكونام، سيؤدي إلى تزايد شعبيته وليس تضاؤلها، وأن النظام فكما لم ينجح لحد الآن في فرض إرادته على عامة المؤمنين، في مجال المرجعية، لن ينجح في ذلك وليس هذا شأن النظام. واختلاف الرأي بين العلماء يطاول التوحيد، فكيف عن قضايا حديثة من أمثال الانترنت.