أثار أداء وزراء حزب الكتائب داخل مجلس الوزراء اللبناني العديد من علامات الاستفهام حول الأبعاد السياسية لهذا الأداء والمناكفات التي يثيرها هؤلاء الوزراء حول مختلف القضايا المطروحة، وآخرها ملف النفايات، وقبلها الحملة التي شنّها الوزير وائل أبو فاعور بشأن المواد الفاسدة والاعتراضات الكثيرة عليها من قبل الوزير آلان حكيم، في حين ان وزير العمل سجعان قزي متهم دوماً بأنه يعمد إلى تسريب أجواء مجلس الوزراء إلى الإعلاميين.

فلماذا يعترض وزراء الحزب على بعض الملفات وهل المسألة فقط لأسباب تقنية وحماية للمصلحة العامة؟ وأين يقف حزب الكتائب من الأوضاع الداخلية في لبنان، ولا سيما الحوارات الدائرة بين حزب الله وتيار المستقبل وبين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية؟ وأين أصبح الحوار بين حزب الكتائب وحزب الله؟ وهل زادت حظوظ الرئيس أمين الجميّل في الانتخابات الرئاسية، ولا سيما بعد جولته الأخيرة في جنوب لبنان والترحيب الذي لقيه من حركة أمل وحزب الله؟

أداء وزراء حزب الكتائب

بداية ما هي ابعاد ودلالات أداء وزراء حزب الكتائب داخل مجلس الوزراء وما هي أسباب مواقفهم الاعتراضية شبه الدائمة من مختلف الملفات.

من المعروف ان حزب الكتائب حظي في حكومة الرئيس تمام سلام بأفضل حصة حزبية منذ سنوات طويلة، وجاءت حصته على حساب حزب القوات اللبنانية الذي رفض المشاركة بهذه الحكومة، وقد تمثل الحزب بوزير العمل سجعان قزي ووزير الإعلام رمزي جريج ووزير الاقتصاد آلان حكيم وتعتبر هذه الحصة الكتائبية الوزارية من أفضل الحصص الحزبية مقارنة بحزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ وتيار المردة.

ولكن منذ بداية عمل الحكومة عمد وزراء الحزب إلى تشكيل ما يمكن تسميته «لوبي اعتراضي» على العديد من الملفات، خصوصاً ان رئيس الحكومة تمام سلام كان حريصاً منذ انتهاء ولاية الرئيس العماد ميشال سليمان على اعتماد المنطق التوافقي والإجماع في التصويت على القرارات الحكومية.

وقد برزت مواقف وزراء حزب الكتائب الاعتراضية الأخيرة في ملف مكافحة الفساد الذي أطلقه الوزير وائل أبو فاعور وفي ملف النفايات، والوزير سجعان قزي يعتبر من الوزراء الذين يثيرون الكثير من الاعتراضات داخل مجلس الوزراء احتجاجاً على ما يجري في الحكومة، مع انه لعب مؤخراً دوراً توفيقياً بين الوزيرين وائل أبو فاعور وآلان حكيم، وكذلك لجهة موضوع النفايات الذي أُقرّ بعد خلافات عاصفة.

بعض الأوساط السياسية تعتبر ان أداء وزراء حزب الكتائب لا يتعلق فقط بالجوانب التقنية ومن أجل تطوير عمل مجلس الوزراء، بل تأتي اعتراضاً على التأخير في الانتخابات الرئاسية ومن أجل عدم تكريس الواقع القائم، وكذلك بسبب تهميش دور الحزب في الحراك السياسي القائم.

لكن أوساط حزب الكتائب ترفض هذه الأجواء وتؤكد ان أداء الوزراء ينطلق من الحرص على العمل الحكومي والمصلحة العامة ولتطوير أداء مجلس الوزراء والوزراء ونظراً إلى بعض الإشكالات في العمل الحكومي.

وبين هذين الاتجاهين تسجل بعض الأوساط المراقبة الكثير من الأخطاء والإشكالات التي يثيرها أداء بعض وزراء الكتائب، ولا سيما وزيرا الإعلام والاقتصاد، والتي لا تتناسب مع دور الحزب وحضوره السياسي.

الحوار والانتخابات الرئاسية

لكن أين يقف حزب الكتائب من الحوارات الداخلية بين حزب الله وتيار المستقبل وبين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر؟ وأين أصبح الحوار مع حزب الله؟ وماذا عن ترشيح الرئيس أمين الجميّل للرئاسة الأولى وهل زادت حظوظه الرئاسية بعد جولته الأخيرة في جنوب لبنان؟

مصادر مطلعة في حزب الكتائب تؤكد ان الحزب مع كل الحوارات القائمة، وهو أول من دعا إلى إجراء حوار وطني لبحث كل القضايا، وهو أول من دعا لتشكيل حكومة وحدة وطنية وعدم استثناء أي فريق داخلي، وان كل التطورات الداخلية التي جرت في الأشهر الأخيرة تؤكد صحة رؤية الحزب للتطورات والحاجة إلى إجراء وطني حول مختلف القضايا الداخلية والخارجية، وان كانت الأولوية اليوم لإجراء انتخابات رئاسية لأن من غير الصحيح الاستمرار في العمل التشريعي والعمل الحكومي من دون رئيس جمهورية.

وتضيف المصادر ان الحزب مع إجراء حوار مع كل الأطراف، ولا سيما مع حزب الله، بشرط ان يكون حواراً صريحاً وشاملاً وان جولة الرئيس أمين الجميّل في الجنوب لا تهدف إلى تحسين الموقع على صعيد الانتخابات الرئاسية، بل هي جولة طبيعية وضرورية، وان الرئيس الجميل هو مرشح طبيعي للرئاسة، خصوصاً ان التطورات أثبتت حتى الآن عدم القدرة على إيصال المرشحين العلنيين الحاليين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع والنائب هنري حلو.

وتختم المصادر الكتائبية: نحن حريصون على البلد وندعو لحوار داخلي شامل يؤدي إلى إجراء سريع للانتخابات الرئاسية ومن ثم معالجة كل الملفات العالقة، وما يقوم به وزراء الحزب يهدف إلى تطوير وتحسين العمل الحكومي وليس لحسابات ساسية أو حزبية.