عندما تتوافر النية الصادقة يصبح التنفيذ أمرا سهلا وهذا ما أكدته عملية سجن رومية التي انتهت بالقضاء على جمهورية الإرهاب في المبنى ب من السجن دون إراقة نقطة دم ودون أي ردود فعل سلبية عليها. وما قد يعقب هذه العملية الناجحه بامتياز من عمليات مماثلة في مناطق لبنانية أخرى وخصوصا في منطقة البقاع الشمالي.

هذه العملية الناجحه واطلاق يد الدولة والمؤسسات الأمنية فيها للقضاء على الظواهر المخلة بالأمن والتي تهدد الاستقرار في البلد تعتبر إحدى ثمار الحوار الذي انطلق بين حزب الله وتيار المستقبل ونتيجة للتقارب السياسي بين فريقي الصراع في البلد الثامن والرابع عشر من آذار حيث وفر الغطاء السياسي المطلوب للأجهزة الأمنية للقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها للحفاظ على أمن المواطن والاستقرار في البلد من اي خروقات أمنية قد تهدد الوحدة الوطنية وذلك بالقضاء النسبي على المرابع ألتي تأوي المخلين بالأمن والهاربين من وجه العدالة.

ففي الاعوام الثلاثة الماضية تزامنت التطورات الداخلية مع الزلزال الذي يضرب المنطقة فنمت وترعرعت في بيئة تيار المستقبل ظواهر وحالات سلفية وارهابية متشددة وبدت في لحظة انقسام سياسي وهشاشة الدولة وكأنها عصية على القضاء عليها واقتلاعها.

لكن التطورات العسكرية والسياسة التي حدثت في العام الماضي وأضفت إلى تأليف حكومة المصلحة الوطنية فرض واقعا سياسيا أدى إلى شراكة سياسية وامنية لتيار المستقبل كفريق اساسي في البلد وكشريك في صياغة القرار الوطني والمالي ويمثل الصوت المعتدل في الشارع السني. وتأكدت هذه الشراكة والمسؤولية في عدة محطات منها معركة عرسال حيث كان موقف تيار المستقبل بكل رموزه حاسما إلى جانب الجيش ضد الجماعات الارهابية وبعدها معركة الجيش ضد معاقل التكفيريين في طرابلس إذ كان موقف الرئيس سعد الحريري حاسما في كسب المعركة وانهائها لمصلحة الجيش مما استدعى اشادات سياسية كان أبرزها إشادة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بمواقف الحريري وتيار المستقبل.

وهذا ما فتح ابواب الحوار بين الطرفين وعزل الحالات الإرهابية وسهل إمكان القضاء عليها بتوافق سياسي يترجم زخما أمنيا. لا شك ان هناك ثمة متضررين من الحوار بين اللبنانيين واختيار منطقة جبل محسن هو إطلاق نار مباشر على هذا الحوار واستدراج لفتنة ظلت مقيمة طويلا في هذه المنطقة.

إلا أن الإحاطة الشمالية والطرابلسية واللبنانية بحبل محسن أكدت متانة الواقع السياسي الحالي وجدية الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل حيث اتضحت أكثر حال العزلة التي يعيشها المتطرفون وتأكد للجميع أن رفع تيار المستقبل الغطاء عن هذه الحالات يسهل ضربها ومحاصرتها لأنها بذلك تفقد البيئة الحاضنة أو المتعاطفة وكان الرد على عملية جبل محسن في تفكيك غرفة عمليات سجن رومية بعدما اتضحت العلاقة بين بعض المسجونين الإرهابيين بعملية جبل محسن. لا شك ان جدية الجوار ستنتج في المستقبل معطيات أمنية وسياسية مهمة من شأنها تعزيز الأمن اللبناني وتحضير المناخات الداخلية لاستحقاقات سياسية وافدة وسريعة..........