وحده التوضيح الذي عمّمته وزارة الخارجية والمغتربين، أمس الأوّل، على جميع البعثات والسفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج، للتأكيد أنّ "دخول الرعايا السوريين لا يتطلب الحصول على تأشيرة من أي نوع، إنما الإعلان عن سبب الزيارة وحيازة المستندات المطلوبة"، أوحى وكأن الدولة اللبنانيّة قاب قوسٍ أو أدنى من التراجع عن الإجراءات الحدودية.

 

ولكن في الظاهر، لا يبدو أن شيئاً تغيّر على المعابر الحدوديّة، فإجراءات الأمن العام التي يطبّقها تنفيذاً لمقرّرات مجلس الوزراء، ما زالت نفسها. فيما دمشق، التي كانت بالأمس القريب منزعجة من تفرّد الدولة اللبنانية في اتخاذ هذه الإجراءات، أكّدت للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أنها "تتفهّم هذه الإجراءات".

 

وهذا التفهّم أيضاً سرعان ما نقله وزير الداخلية نهاد المشنوق من خليّة الأزمة إلى مجلس الوزراء. إذ أكّد بعد استفسار الوزير بطرس حرب أن المسألة حلّت مع الطرف السوري بعد زيارة المدير العام للأمن العام. ومساء أعلن المشنوق أن لا تراجع عن هذه الإجراءات.

 

ما الذي تغيّر؟ وهل اكتفت القيادة السوريّة بزيارة إبراهيم حتى تستوضح منه الإجراءات؟

 

حتى الآن، لم يعلن الأمن العام عن "تحديث لإجراءاته"، بالرغم من أن البعض يتحدّث صراحةً عن آلية جديّة سوف يتمّ اعتمادها بدلاً من التي بدأ العمل بتنفيذها في 5 كانون الثاني الماضي. هؤلاء يعتبرون أنّ الحكومة اللبنانية لن تعلن صراحة أنّها تراجعت عن مقرراتها بل ستعمد إلى تخفيف الإجراءات الشكليّة خلال الأسبوعين المقبلين لحفظ ماء الوجه، ثمّ تغيير في بعض أجزائها وذلك لحلّ الأزمة العالقة "على الطريقة اللبنانيّة".

 

في المقابل، فإنّ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس ينفي هذا الأمر نفياً قاطعاً، ويشير لـ "السفير" إلى أنّ "لا تراجع عن الإجراءات التي أنتجت ما أرادته الحكومة بقرارها: أي صفر نزوح"، معلناً في الوقت عينه أنّه سيتمّ "تصحيح بعض التفاصيل، تماماً كما فعلنا بمسألة إلغاء تطبيق الإجراءات على الآتين إلى لبنان عبر مطار بيروت، واعتبرناها غير مجدية على اعتبار أنّ هؤلاء طبعاً لن يكونوا في عداد النازحين".

 

وهذا أيضاً ما يؤكّده الأمن العام، إذ يلفت مصدر في الأمن العام الانتباه إلى أنّ الأمن العام سيقوم بـ "رتوش" على إجراءاته المعتمدة. فاللواء عباس ابراهيم أمضى ساعات على معبر المصنع ورأى بنفسه أين يمكن أن تتشدّد هذه الإجراءات وأين يمكن تسهيلها"، مشدّداً على أنّ هذا "الرتوش" لا يعني إلغاء الإجراءات وإنّما "تحسينها وتحصينها".

 

في حين توضح مصادر معنيّة أنّه سيتمّ "تلطيف" الإجراءات من خلال تخفيف الأوراق المطلوبة لتسهيل الأمور، وتعطي مثلاً: "إذا كان السوري الداخل إلى لبنان يملك حساباً، فإن عناصر الأمن العام لن تطلب منه كشف حساب بل ستكتفي برقم حسابه أو ربّما تتّصل بالبنك لتتأكد".

 

وبالرغم من أنّ هذه الآليّة لم تتحوّل بعد إلى تعليمات خطيّة من قبل الأمن العام، فإنّ المصادر نفسها تعلن أنّ اللواء ابراهيم تعهّد بتنفيذها أمام من التقاهم في سوريا، كما اتفّق بأمرها مع المسؤولين اللبنانيين".

 

أما السفير السوري علي عبد الكريم علي فيرفض الدخول في تفاصيل ما جرى، مكتفياً بالقول إنّ "الأمور ماشية"، موحياً أنّه راضٍ عن إمكان إدخال تعديلات على الإجراءات المعتمدة. فيما تؤكّد مصادر سورية أنّ هناك "حلحلة سوف يتمّ الإعلان عنها قريباً".