فجأة استيقظت الادارة الاميركية على الشكوك المتزايدة حول جديّتها في الحرب على "داعش"، الكلمات القليلة التي قالها حيدر العبادي الأحد الماضي في القاهرة، دفعت واشنطن الى إرسال وفد على عجل الى العراق، حيث أدلى أول من أمس بتصريحات واضح انها لن تغيّر شيئاً في مسار الحرب المتعثرة حتى الآن.
العبادي دعا الى "تشكيل منظومة عربية وإقليمية ودولية لمحاربة تنظيم "داعش" الذي ولّد صراعاً مذهبياً في المنطقة"، وهو ما دفع البعض الى التساؤل، ولكن ماذا يفعل "الائتلاف الدولي" الذي أعلن اوباما قبل خمسة أشهر انه يضمّ ٤٠ دولة، ثم عندما ينتقد العبادي هذا الائتلاف ويقول انه بطيء جداً في دعم الجيش العراقي والمساعدة على تدريبه وانه سيحصل على أسلحة من مصر، التي تسعى اصلاً لدعم ترسانتها، يبدو الكلام وكأنه موجّه مباشرة الى واشنطن.
فور عودته من القاهرة إلتقى العبادي وفداً اميركياً يضم الجنرال جون آلن منسق الائتلاف الدولي وبريت مكورك ممثل اوباما والسفير الاميركي، حيث أعلن عن تعزيز عمليات التنسيق بين الجانبين وان "واشنطن ستقوم بمراجعة استراتيجيا دعم العراق لتكون مؤثّرة"!
ولكن كان هناك تناقض مثير بين واشنطن التي سبق لها ان وعدت بتسليح مباشر لمئة ألف من مقاتلي العشائر السنّية لمواجهة "داعش" في منطقة الأنبار من دون المرور ببغداد، والحكومة العراقية التي تخضع لضغط ايراني قوي يعارض هذا التسليح المباشر، والمفاجأة ان واشنطن تراجعت عن موقفها، فأعلن آلن "ان آلية تسليح العشائر لن تكون بصورة مباشرة وإنما بشكل وثيق مع القوات الامنية العراقية"!
وإذا كان الجنرال مارتن ديمبسي قد إشترط على الحكومة العراقية مراراً تسليح العشائر السنّية لكي يرسل المزيد من المستشارين العسكريين، فإن العبادي يلقي مياهاً باردة على كل هذا عندما يعلن ان هيكلة الجيش العراقي تتطلب ثلاث سنوات، بما قد يعني ان تسليح العشائر سيتأخر كثيراً.
معروف ان الأنبار التي تحتاج الى المزيد من الاسلحة لتواجه "داعش"، تشكو من تعرضها لعمليات تنكيل يتردد ان الميليشيا الشيعية تقوم بها، بما يؤجج الكراهيات المذهبية التي لا تخفى على الاميركيين بل ربما هناك رهان عليها، كمنطلق ضروري لتعميق الحس السيكولوجي بالحاجة الى الإنفصال في موازاة التقسيم الذي ترتسم معالمه في الجغرافيا العراقية!
المثير ان آلن اضطر الى ان ينفي ما تردد عن ان الاميركيين ألقوا أسلحة الى تنظيم "داعش". والمثير أكثر لا أن يدعو جون ماكين أوباما الى ارسال قوات برية أميركية لمقاتلة "داعش" ونظام الاسد، بل ان يبدي الجنرال ديمبسي إستعداد "البنتاغون" للقيام بهذا اذا طلبت الادارة الاميركية، التي قد لا تطلب لأنها لا تريد نهاية قريبة لا للحرب ولا لـ"داعش"!